الخمر أم الخبائث ..
قال تعالى:
( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر و الميسر و الأنصاب الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء
في الخمر و الميسر
و يصدكم عن ذكر الله و عن الصلاة
فهل أنتم منتهون ) .
الخمر لغة :
هي كل ما خامر العقل و غلبه .
و في الاصطلاح الفقهي هي اسم لكل مسكر .
عن عبد الله بن عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
كل مسكر خمر و كل خمر حرام .
رواه مسلم
و الرجس : القذر.
مشكلة الخمر في العالم :
الخمر من اعقد المشكلات التي يجأر منها الغرب و يبحث عن حل لكن دون جدوى
فهذا السيناتور الأمريكي وليم فولبرايت يقول عن مشكلة الخمر : ” لقد وصلنا
إلى القمر و لكن أقدامنا مازالت منغمسة في الوحل ، إنها مشكلة حقيقية
عندما نعلم أن الولايات المتحدة فيها أكثر من 11 مليون مدمن خمر و أكثر من
44 مليون شارب خمر ” .
و قد نقلت مجلة لانست البريطانية مقالاً بعنوان ” الشوق إلى الخمر ” جاء فيه ” إذا كنت مشتاقاً إلى الخمر فإنك حتماً ستموت بسببه “.
إن أكثر
من 200 ألف شخص يموتون سنويا في بريطانيا بسبب الخمر . و ينقل البروفسور
شاكيت أن 93% من سكان الولايات المتحدة يشربون الخمر و أن 40% من الرجال
يعانون من أمراض عابرة بسببه و 5% من النساء و 10% من الرجال يعانون من
أمراض مزمنة معندة .
تأثيرات الخمر السمية :
ترى هل يدري شارب الخمر أنه يشرب سماً زعافاً ؟ و قبل الشرب ، يمكن لصانع
الخمر أن يستنشق أبخرته مما يؤدي إلى إصابته بالتهاب القصبات و الرئة و إلى
إصابة بطانة الأنف مما يؤدي إلى ضعف حاسة الشم ،
و هنا يتضح معنى قوله تعالى ” فاجتنبوه ”
فهي تعني النهي عن الاقتراب منه مطلقاً
و هي أعم من النهي عن شربه .
و يختلف
تأثير الخمر السـمي كلمـا تغير مسـتواه في الدم فعندما يبلغ مســتواه من
20ـ 99ملغ % يسبب تغير المزاج و إلى عدم توازن العضلات و اضطراب الحس ،
و في مستوى من 100ـ 299 ملغ % يظهر الغثيان و ازدواج الرؤية و اضطراب شديد في التوازن .
و في مستوى من 300 ـ 399 ملغ % تهبط حرارة البدن و يضطرب الكلام و يفقد الذاكرة .
و في مستوى 400 ـ 700 ملغ % يدخل الشاب في سبات عميق يصحبه قصور في التنفس و قد ينتهي بالموت .
و رغم أن
كل أعضاء الجسم تتأثر من الخمر فإن الجملة العصبية هي أكثرها تأثراً حيث
يثبط المناطق الدماغية التي تقوم بالأعمال الأكثر تعقيداً و يفقد قشر
الدماغ قدرته على تحليل الأمور ، كما يؤثر على مراكز التنفس الدماغية حيث
أن الإكثار منه يمكن أن يثبط التنفس تماماً إلى الموت .
و هكذا
يؤكد كتاب alcoholism أن الكحول بعد أن يمتص من الأمعاء ليصل الدم يمكن أن
يعبر الحاجز الدماغي و يدخل إلى الجنين عبر المشيمة ، و أن يصل إلى كافة
الأنسجة .
لكنه
يتوضع بشكل خاص في الأنسجة الشحمية . و كلما كانت الأعضاء أكثر تعقيداً و
تخصصاً في وظائفها كانت أكثر عرضة لتأثيرات الكحول السمية . فلا عجب حين
نرى أن الدماغ و الكبد و الغدد الصماء من أوائل الأعضاء تأثراً بالخمر حيث
يحدث الكحول فيها اضطرابات خطيرة .
تأثيرات الخمر على الجهاز الهضمي:
في الفم يؤدي مرور الخمر فيه إلى التهاب و تشقق اللسان كما يضطرب الذوق
نتيجة ضمور الحليمات الذوقية ، و يجف اللسان و قد يظهر سيلان لعابي مقرف .
و مع
الإدمان تشكل طلاوة بيضاء على اللسان تعتبر مرحلة سابقة لتطور سرطان
اللسان و تؤكد مجلة medicin أن الإدمان كثيراً ما يترافق مع التهاب الغدد
النكفية .
و الخمر
يوسع الأوعية الدموية الوريدية للغشاء المخاطي للمريء مما يؤهب لتقرحه و
لحدوث نزوف خطيرة تؤدي لآن يقيء المدمن دماً غزيراً .
كما تبين أن 90% من المصابين بسرطان المريء
هم مدمنوا خمر .
و في
المعدة يحتقن الغشاء المخاطي فيها و يزيد افراز حمض كلور الماء و الببسين
مما يؤهب لإصابتها بتقرحات ثم النزوف و عند المدمن تصاب المعدة بالتهاب
ضموري مزمن يؤهب لإصابة صاحبها بسرطان المعدة الذي يندر جداً أن يصيب
شخصاً لا يشرب الخمر .
و تضطرب
الحركة الحيوية للأمعاء عند شاربي الخمر المتعدين و تحدث التهابات معوية
مزمنة و اسهالات متكررة عند المدمنين ، و تتولد عندهم غازات كريهة و يحدث
عسر في الامتصاص المعوي.
الكبد ضحية هامة للخمر :
للكبد وظائف هامة تقدمها للعضوية ، فهي المخزن التمويني لكافة المواد الغذائية و هي تعدل السموم و تنتج الصفراء .
و الكحول
سم شديد للخلية الكبدية و تنشغل الكبد من أجل التخلص من الكحول عن
وظائفه الحيوية و يحصل فيها تطورات خطيرة نتيجة الإدمان . ففي فرنسا وحدها
يموت سنوياً أكثر من 22 ألف شخص بسبب تشمع الكبد الكحولي و في ألمانيا
يموت حوالي 16 ألف .
كما أن
الكحول يحترق ضمن الكبد ليطلق كل 1غ منه 7 حريرات تؤدي بالمدمن إلى عزوفه
عن الطعام دون أن تعطيه هي أي فائدة مما يعرضه لنقص الوارد الغذائي .
بعض الامراض التي تسببها الخمر للكبد:
- تشحم الكبد حيث يتشبع الكبد بالشحوم أثناء حرق الكحول و تتضخم الكبد و تصبح مؤلمة
- التهاب
الكبد الكحولي : آفة عارضة تتلو سهرة أكثر فيها الشارب من تناول الخمر و
تتجلى بالآم بطنية و قيء و حمى وإعياء و ضخامة في الكبد .
- تشمع
الكبد liver cirrhosis : حيث يحدث تخرب واسع في خلايا الكبد و تتليف
أنسجته و يصغر حجمه و يقسو و يصبح عاجزاً عن القيام بوظائفه .
و
يشكو المصاب من ألم في منطقة الكبد و نقص في الشهية و تراجع في الوزن مع
غثيان وإقياء ثم يصاب بالجبن أو باليرقان. و قد يختلط بالتهاب الدماغ
الكحولي و يصاب بالسبات أو النزف في المريء ، و كلاهما يمكن أن يكون مميتاً
.
تأثيرات الخمر على القلب :
يصاب مدمن الخمر بعدد من الاضطابات الخطيرة و المميتة التي تصيب القلب منها :
- اعتلال
العضلة القلبية الكحولي : حيث يسترخي القلب و يصاب الإنسان بضيق في النفس
و إعياء عام و يضطرب نظم القلب و تضخم الكبد مع انتفاخ في القدمين ،و
المريض ينتهي بالموت إذا لم يرتدع الشارب عن الخمر
- قد يزيد الضغط الدموي نتيجة الإدمان .
- داء الشرايين الإكليلية :الكحول يؤدي إلى تصلب و تضيق في شرايين القلب تتظاهر بذبحة صدرية .
- اضطراب نظم القلب
تأثيرات الخمر على الجهاز العصبي :
تعتبر
الخلايا العصبية أكثر عرضة لتأثيرات الكحول السمية . وللكحول تأثيرات
فورية على الدماغ بعضها عابر ، و بعضها غير قابل للتراجع .حيث يؤكد د .
براتر وزملاؤه أن تناول كأس واحد أو كأسين من الخمر قد تسبب تموتاً في بعض
خلايا الدماغ .
و هنا نفهم الإعجاز النبوي في قوله صلى الله عليه و سلم
” ما أسكر كثيره فقليه حرام ” .
و السحايا قد تصاب عند المدمن عندها يشكو المصاب من الصداع و التهيج العصبي
و قد تنتهي بالغيبوبة الكاملة . كما أن الأعصاب كلها معرضة للإصابة بما
يسمى ” باعتلال الأعصاب الكحولي العديد أو المفرد”.
أما الأذيات الدماغية فيمكن أن تتجلى بداء الصرع المتأخر الذي يتظاهر عند بعض المدمنين بنوبات من الإغماء و التشنج و التقلص الشديد .
تأثيرات الخمر على الوظيفة الجنسية :
تروي كتب الأدب قصة أعرابية أسكرها قوم في الجاهلية فلما أنكرت نفسها قالت : أيشرب هذا نساؤكم ،
قالوا : نعم .. قالت : لئن صدقتم لا يدري أحدكم من أبوه .
و قد
بين الأطباء أن الخمر تزيد من شبق الأنثى فيضطرب سلوكها الجنسي حتى أنه لا
يستغرب أن تمارس المرأة أول عمل جنسي لها تحت تأثير الخمر و قد أكد
البروفسور فورل أن معظم حالات الحمل السفاحي حدثت أثناء الثمل . كما تضطرب
الدورة الطمثية لدى المرأة المدمنة و تصل إلى سن اليأس قبل غيرها بعشرة
سنوات و تتاذى الخلايا المنتشة مؤدية إلى ضرر في المبيضين.
أما
الرجل ، فعلى الرغم من ازدياد الرغبة الجنسية في المراحل الأولى من الشرب
لكن القدرة على الجماع تتناقص عند المدمن حتى العنانة الكاملة .
و الكحول يوذي الخلايا المنتشة و يتلفها مؤدياً إلى ضمور في الخصيتين ، وقبل هذا يمكن ظهور نطف مشوهة يمكن أن تؤدي إلى أجنة مشوهة .
الخمر ينتهك الخط الدفاعي للبدن :
تضعف
مقاومة البدن للأمراض الانتانية لدى المدمن و تنقص لديه لاسيما للإصابة
بذات الرئة و غيرها . و قد كان يفسر سابقاً بسوء التغذية لكن أبحاث كورنيل
الأمريكية أثبتت أن ضعف المقاومة لدى المدمنين ناتج عن تدخل مباشر في
عملية المناعة .
آثار الخمر الخطيرة على النسل :
يقول د. أحمد شوكت الشطي :
إن زواج
الكحوليين قضية خطيرة لأن الزوج المولع بالشرب زوج غير صالح ، و يرث نسله
منه بنية مرضية خاصة تعرف بالتراث الكحولي ،و يقصد به ما يحله نسل
المخمورين من ضعف جسدي و نفساني و قد ثبت أن الأم الحامل تنقل الكحول عبر
مشيمتها إلى الجنين فتبليه
و أنه ينساب بالرضاعة إلى الوليد.