|
| طيبة .... ام سذاجة | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أدهم مراد ملاك سوبر
المزاج؟ : المهنة : عدد المساهمات : 15567 تاريخ التسجيل : 28/10/2010 العمر : 39 الموقع : ملاك الروح
| موضوع: طيبة .... ام سذاجة 2011-10-13, 12:55 pm | |
| ( طيبة .... ام سذاجة )
عادل , شاب عادي جدا بل اقل من العادي , دائما أصدقائه يعتبرنه مركز سخريتهم , هل تعلمون السبب ؟؟
عادل يبلغ من العمر خمسة و عشرون عاما , ملابسه تعود الى القرن الماضي و لا يعرف معنى الموضة أو التحديث ..
يرتدي قميصا بيج اللون كاروهات مزررا حتى عنقه , و رابطة العنق بنية اللون تكاد تخنقه و يرتدي بنطال قماش مخطط اسود اللون , و حذاء اسود على الطرز الإنجليزي القديم ...
يرتدي نظرات سميكة و ضخمة و كأنه عالم ذرة , و شعره القصير دائما مجعد ...
عادل شاب نقي , طيب القلب , ناجح في عمله , هادي الطباع و الملامح لا يحتك مع احد لا يعرفه , دائما خجول إذا تحدث مع شخص لأول مرة , و يكون محرج أكثر عندما يرى أصدقائه يضحكون لأمر ما و هو لا يستطيع ذلك ليس لأنه كئيب , و لكن يشعر بأنه ليس الأمر الذي يستحق الضحك من أجله , لا يستطيع الحديث مع النساء الحسناوات و ذلك سبب طرده من العمل أكثر من مرة بسبب تلك المشكلة ... عادل يحب قراءة الخواطر و النثر و القصص القصيرة و يحب قراءة الصحف العالمية ...
يعمل عادل الآن في مساعدا في متجر لبيع الحلويات , عمل غير شاق و لا يحتاج لاحتكاك مع الناس ...
* * * * *
كريم نجل مدير المتجر , شاب " مروّش " عكس صديقنا عادل , دائما يرتدي ملابس على أحدث موضة , شعره طويل قليلاٍٍ , يتحرك و كأن به جنـّة , بائع للدنيا , يضحك مع هذا و يتحدث مع ذاك , بينما ينظر عادل إليه و يقول في نفسه : " لماذا أنا لست مثله , ماذا ينقصني ؟؟ "
كريم يتواجد بالمتجر باستمرار , لا يفعل شيئا سوا الضحك و الحديث الغير مجدي مع الجميع ...
فلاحظ عادل ان كريم يتحدث الى الهاتف فأقترب عادل منه قليلا فسمعه يتحدث مع فتاة , فسمعه يقول لها و هو يضحك : " صدقيني يا حبيبتي لم أكن هناك , لم اذهب مطلقا , ربما شخصا ما يشبهني , حسنا مع السلامة "
فالتفت كريم للخلف فرآه واقفا خلفه , فتغيرت ملامحه بشدة فأرتبك عادل فورا و قال : " انا أسف يا كريم , لم اقصد و لكنني كنت سأذهب الى ... " ابتسم كريم و وضع يديه على كتفه و قال : " لا بأس .. "
فتركه و مضى سيره , فنظر عادل إليه و هو يقول في نفسه : " كم أتمنى بأن أتعرف على الفتيات " فوقف كريم فجأة و نظر خلفه بسرعة فوجده مازال واقف فقال له : " ما الأمر .. ؟ " فاقترب إليه عادل بسرعة و قال : " كيف تستطيع التعرف على البنات ؟؟ " أنصدم كريم و قال : " الم تقيم علاقات بعد ؟؟ " رد بتوتر : " لا " ضحك كريم ضحكة عالية : " هل أنت شاذ ؟؟ " ثم أضاف : " يا عزيزي لن تستطيع إقامة علاقات مع الفتيات بهذه الخليقة " انزعج عادل من كلامه و قال : " أنها خليقة الله .... ثم أنني لا أستطيع فعل ما تفعله هذا " ثم قال : " هل سوف تتزوج تلك الفتاة التي كنت تتحدث معها منذ قليل ؟ "
رد بسرعة و بلا وعي : " بالطبع لا .. " - " لماذا تناديها بحبيبتي إذا , ... " - " أنها صديقتي " فقال و كأنه يهزأ منه : " صديقتك ؟ , انتم أيها الشباب أفسدتم معنى الصداقة .... " ارتدى ملابسه و همّ لمغادرة العمل فأوقفه كريم و قال له : " هل تريد أن تقيم علاقة مع فتاة ؟؟ " ابتسم عادل و قال بلهفة : " أتمنى ذلك " - " بملابسك هذه ؟ " كريم باستغراب : " وما بها ؟؟ " - " أظن أنها تحتاج إلى تغير قليلا , ما رأيك أنت ؟ "
* * * * *
دخل عادل و كريم ملهى ليلي يعج بالشباب و الفتيات التي ترقص رقصات فاضحة وسط الموسيقى الصاخبة و و الأضواء المختلفة المتحركة التي إصابته بالدوار , حتى جلسا على طاولتهم المخصصة لهم . . . - " هيا يا عادل اجلس " جلس عادل بهدوء فشعر بأنه محرج و بقيّ يلتفت يمين و يسارا خوفا من يراه أحدا يعرفه ... بينما كريم يمرح مع الموسيقى الصاخبة مرت من أمامه فتاة طويلة , جسدها ممتلئ قليلا , حسنة المظهر , ترتدي ملابس مميزة , فصرخ و قال بمرح : " لقد بدأت سهرتنا " فسرعان ما امسك عادل يده و قال له : " من فضلك يا كريم .... "
ضحك كريم و قال له : " اصمت يا عادل " فوقف بسرعة و صرخ : " يا ريم . . . . يا ريم "
فالتفت هذه الشابة و ابتسمت ثم اقتربت نحوهم قليلا و قالت : " كريم كيف حالك ؟ " فجلست و هي تنظر الى عادل نظرات ذات معنى . . .
فأجابها كريم و هو يمعن النظر بها : " بأحسن حال و أنتي يا ريم ؟ " فضحكت و قالت : " بخير " فقال لها : " من معك ؟ " نظرت إلى الطاولة التي تجلس عليها ثم قالت : " سارة و منى و .... سوزان و خطيبها " ثم نظرت إلى كريم مرة أخرى ..
فقال لها : " هل تستطيع ان تشاركينا الجلسة اليوم " ابتسمت و قالت : " حسنا , لا بأس من ذلك " فنظرت الى عادل و لوحت بيدها و قالت : " هاي , أين أنت ؟ " فشعر عادل بوخذة ثم قال بارتباك : " و أنتي كيف حالك ؟ " ضحكت ريم و قالت : " يبدو و انك شارد الذهن " فتقدم إليهم النادل و قال لهم بأدب : " ماذا تفضلوا ان أقدم لكم ؟ " فقال كريم له : " نريد ثلاث زجاجات من المياة الغازية " - " حسنا سيدي " و انطلق فورا فلم يلاحظ و إلا اخرج كريم من جيبه لفافة عجيبة الشكل و اللون و قام بإشعالها باستمتاع .. وقف عادل و صرخ على الفور : " ما هذا ؟؟ "
أحرج كريم و حاول ان يخفي إحراج فأمسك يد عادل و قال له بصوت خافت : " أجلس , أجلس " وضعها كريم في فمه و استنشق ما بها ثم قال : " هل أنت مجنون , ما الذي فعلته هذا ؟ " فأجابه عادل قائلا : " قلت لك ما هذا ؟ " فنظر كريم إليه و قال : " مخدرات , هل ارتحت ؟ "
لم يستطيع عادل ان يبادله الرد , و لذلك اكتفى بأنه غادر النادي دون أن يتحدث معه ... بينما حاول كريم إيقافه و لكن لم يكن بوسعه ذلك ...
غادر عادل الى بيته و خلد الى سريره حتى الصباح للذهاب الى عمله مجددا . . .
و عند الصباح , في أثناء عمله لاحظ ان كريم بجواره يحدثه بصوت خافت : " عادل ..... عادل " فالتفت إليه بانزعاج : " ماذا تريد ؟؟ " فضحك كريم ثم قال : " هل أنت منزعج ؟؟ " فنظر إليه باستهزاء و قال : " لا " , ثم التفت إلى عمله مجددا فتركه و غادر و هو يقول : " لمعلوماتك فقط لقد طلبت ريم رقم هاتفك " فنظر عادل على الفور بابتهاج فلم يجده , فسرعان ما اخذ يبحث عنه حتى وجده في مكتبه , فدخل غرفة مكتبه فوجده جالسا يشاهد التلفاز فقال له : " ماذا .. ماذا قلت للتو ؟ "
فجلس بجواره فور دخوله , بينما كريم يقلب بجهاز التحكم بيده و يتحدث دون النظر إليه : " ريم كانت ... كانت تريد .. رقم هاتفك " فأمسكه عادل من كتفه و جعله ينظر إليه و قال له : " ريم التي كنا معها بالأمس ؟؟ " - " بلى " و التفت إلى التلفاز مرة أخرى , فظل عادل يفكر مليا حتى قال لكريم بتردد : " و هل أعطيتها رقمي ؟؟ " ضحك كريم و قال : " بالطبع " فقال عادل بسرعة : " هل هي تخصك ؟؟ " فأشار بيده دون النظر إليه و قال : " لا فهي لك .. "
ظل يفكر عادل قليلا , شارد الذهن , عيناه ثابتتين حتى قال بسرعة : " و هل أخبرتك متى سوف تتصل بي ؟ " فأجابه كريم دون النظر إليه : " لا اعلم , ربما اليوم , ربما غدا , ربما بعد أسبوع "
فجأة سمع عادل احد يناديه يقول : " يا عادل تعال , أين أنت "
ارتبك عادل و قال بصوت عالي : " أنا قادم ... قادم " فنظر الى كريم و قال : " أشكرك يا كريم " و غادر بسرعة فأشار بيده و قال : " لا عليك "
* * * * *
في منتصف اليوم اتصلت ريم بعادل فلم يتعرف عليها بقوله : " المعذرة من المتصل ؟؟ " - " أنا ريم التي .... " فقاطعها مسرعا : " نعم نعم , تذكرت , كيف حالك ؟؟ " فأجابته بأنثوية : " مرحبا يا عادل , اسمك عادل أليس كذلك "
احمر وجه و بدا عليه الارتباك و بفرز الأدرينالين بشدة فلم يعد يقوى على فعل شيئا فأجابها بلامبالاة : " لا أذكر ..... " , و عندما أدرك نفسه قال مسرعا : " بلى انا عادل "
ثم قالت : " حسنا يا عادل , هل أستطيع ان أراك اليوم ؟؟ , ام أنت ...... " فأجابها بسرعة : " بلى , لا بأس , وقت ما تريدي "
فظلت تفكر و تصوت صوت أنثوي ينم التفكير حتى قالت : " ما رأيك اليوم عند الساعة التاسعة , في مقهى ستارباكس كافيه في المهندسين ؟؟ "
دون ان يفكر قال بسرعة : " هذا ممتاز " فأجابته بسرعة : " حسنا سوف انتظرك هناك , مع السلامة " و أغلقت الهاتف بعد ذلك , فظل عادل حائرا , و هو يقول لنفسه " هل هذا طبيعي ؟ "
فسرعان ما ترك ما بيده و ذهب الى كريم فوجده جالس على المقهى الذي يقع بجوار المتجر فأقترب إليه و أخذ يصرخ كالأطفال : " كريم .. كريم .. كريم " فنهض كريم بسرعة حيث ظن ان هناك مشكلة ما , فقال كريم بلهفة : " ما الأمر يا عادل ؟ " فأجابه ببطء و بسعادة : " لقد اتصلت بي ريم , و تريد ان تراني الليلة "
فظهرت على كريم الابتسامة , وكأنه شعر بأن أخاه الأصغر قد اجتاز الاختبار بتفوق ...
فقال عادل بسرعة : " ماذا افعل ؟؟ " - " اذهب لها و لكن إليك بعد النصائح كي تنجح مع هذه النوع من النساء " أجاب باستغراب : " نصائح ؟؟ " - " بلى , تعال اجلس "
فجلس عادل و كريم و أخذ يشرح له النصائح بتأني شديد ..
- " أولا , حاول يا عادل ان تبتسم كثير , ثانيا , لا تكون ثرثار و اختصر الكلام بقدر الإمكان , ثالثا , كن مهذب معها , مثلا قل لها ... قل لها مثلا لو سمحتي , من فضلك عفو , شكرا , ... و هكذا " ابتسم عادل ثم قال : " حسنا و ما التالي ؟ " - " تنفس بعمق قبل ان تتكلم كي لا ترمي كلاما لا تعرف عواقبه , و عندما تتكلم لا تكف النظر عن عيناها " ثم أضاف بتحذير : " إياك ان تذهب إليها و لا تحضر لها شيئا " - " لا لا , لا تقلق سوف اجلب لها بعض الأشعار الرومانسية الجميلة " فصرخ كريم و قال : " غبي ! " حزن عادل و قال : " بماذا أخطأت ؟ "
فصرخ و قال : " أي أشعار هذه في الزمن الإنترنت و السرعة ؟ " ثم أضاف بهدوء: " يا عزيزي افهمي و لا تجعلني افقد صوابي , هذه الأشعار التي تتكلم عنها منذ السبعينات , أين الفتاة التي تقــّدر هذا الآن ؟؟ "
فأعتذر عادل و قال : " حسنا .... أكمل يا أستاذ " فعدل كريم موضعه ثم قال : " أين كنا .... " ثم قال بسرعة : " أوه نعم .. احضر لها مثلا وردة حمراء , و حاول ان تفتعل شجارا من أجلها , ان الفتيات يحبون ذلك " باندهاش : " افتعل شجارا ؟؟ " - " بلى " ثم قال كريم : " و نقطة أخرى , حاول بأن تجدد ملابسك هذه " باستغراب وهو ينظر الى ملابسه قال : " ملابسي , و ما بها " - " اسمعني جيدا , الفتاة تحب الذي يعتني بملابسه " - " ولكني لا أحب شراء الملابس الحديثة , ثمنها أصبح باهظا جدا "
- " الطقس حارا اليوم يا عادل , لماذا ترتدي قميصا بكم طويل و مزرزا حتى عنقك , الا تشعر بأن حرارتك مرتفعة ؟؟ "
ثم أضاف : " حسنا قبل الموعد سوف أأخذك الى بيتي و خذ ما يحلو لك من الملابس " - " أشكرك يا كريم " ثم مد كريم يداه إليه و قال : " و الآن أعطيني تلك النظارة ... " فأصابه الاندهاش : " نظارتي , لماذا ؟؟ " بتأني : " اسمع كلامي يا بنيّ " - " حسنا تفضل " و أعطاه النظارة . . . أخذها منه ووضعها على الطاولة ثم قال بابتسامة : " في النهاية يا ولدي , قبلها "
نهض عادل بسرعة : " ماذا تقول ؟؟ " أجاب كريم باستغراب : " ماذا أقول ؟؟ نعم قبلها من خدها قبلة رومانسية هادئة "
صمت عادل لوهلة ثم قال بغضب : " لا لا لا , هذا غير معقول " - " أنت حر , و لكن الفتاة تحب هذا ..... , و بشدة " فنظر إليه نظرة ضجر ....
الساعة التاسعة مساءا , ستارباكس كافيه ...
اخذ عادل يعّد على ساعة يده وهو يقول بتوتر : " لماذا تأخرت .. لماذا تأخرت ... " فوقف لوهلة ثم جلس مرة أخرى علي كرسيه و هو مرتديا قميصا ضيقا نصف كم ابيض اللون مكشوف الصدر فأخذ يعدل في قميصه و قال في نفسه : " انه ضيق جيدا ... سامحك الله يا كريم ... "
حتى سمع صوت أنثوي يقول له : " مرحبا يا عادل " فشعر و كأنه أصيب بكهرباء عالية , فتجمد أمام ريم لثلاث ثواني ثم رحب بها بحرج شديد دون ان ينظر إليها : " مرحبا يا آنسة ريم "
فلاحظ ان يداها ممدوه له كي يسّلم عليها فمد يداه بخوف فشعر بنعومة يديها بيضاء التي اشد من البلسم الطبيعي . . . فجلست ريم و قالت له : " موعدنا الساعة التاسعة أليس كذلك " فنظر الى عينها و قال : " أنها كذلك "
فضحكت ضحكة خفيفة ثم قالت : " اعلم , كم مضىّ على مجيئك ؟؟ " فأجابها بهدوء شديد : " نصف ساعة فقط " فاقترب النادل عليهم و قال لعادل : " سيدي , هل تحب ان أقدم لكما شيئا ؟ " فنظر الى ريم و قال : " ريم , ماذا تفضلي من الشراب ؟ " و كأنها لم تهتم : " كما تريد أنت ! " - " حسنا " ثم نظر الى نادل و قال : " من فضلك كأسان من شراب الفراولة " - " حسنا سيدي " و انصرف فورا ..
و بسرعة أخرج لها وردة حمراء صغيرة و قال لها بابتسامة : " تفضلي هذه لكي " أخذت ريم الوردة مبتسمة ثم شمّت رائحتها فصدر منها صوت و كأنها في ذروة نشوتها حتى قالت : " الله , رائحتها جميلة جدا , أشكرك يا عادل "
أحرج عادل بشدة حتى تظاهر و كأن وقع شيئا منه فانخفض كي يلتقطه و لكنه تأخر قليلا ... فانكشفت ساقيها الناعمتين له من أسفل الركبة فشعر و كأن صب عليه احدهم ماء مغلي ... فنهض بسرعة و العرق يتصبب منه مع قليل من احمرار الوجه مع ابتسامة مصطنعة فعدل موضعه حتى قالت له : " أنت جميل جدا "
صـُدم عادل عند سماع تلك الجملة و احمرت وجنتيه كالأطفال فقال لها بخجل : " أشكرك "
فقالت له بسرعة : " حقا أنت جميل و جذاب " ثم سألته : " أين النظارة التي كنت ترتديها ؟ " ضحك عادل ثم قال : " لقد تخلصت منها " ضحكت ريم ثم سألته : " هل أنت مرتبط ؟؟ "
لم يستطيع عادل النظر إليها مباشرة فقال لها : " لا ..... ليس بعد ! " فأجابت بيأس : " يا لخسارة هذه الفتاة التي لم تحظى بك بعد " ضحك عادل بخجل و قال : " هذا الفستان جميل جدا " نظرت الى فستانها و تحسسته بيدها كي تثيره و قالت له : " نعم , أشكرك هذا من لطفك " بعد ثواني معدودة جاء النادل و هو يحمل الصينية على إطراف أصابعه بكل خفة و رشاقة , فقدم لهما الكأسان من شراب الفراولة و قال لعادل بأدب : " سيدي , هل لديكم أي طلبات أخرى " فنظر إليه و قال : " لا .... أشكرك " فانحنى النادل بكل أدب و غادر على الفور . . . .
مدت يداها و أمسكت الكأس الذي يقع أمامها و أخذت رشفة خفيفة ثم قالت له : " انه لذيذ " ابتسم عادل و اخذ رشفة من كأسه حتى سمع ريم تقول له : " حدثني عن نفسك يا عادل " وضع الكأس على الطاولة و قال باندهاش : " ماذا تقصدين ؟؟ " أشارت بيديها لوهلة ثم قالت : " اقصد انا لا أعرفك , حدثني عن نفسك قليلا ... " فقال لها بثقة : " و كريم لم يخبرك بشيء عني ؟ " أحرجت لسؤاله ثم قالت : " لا فضلت ان اعرف منك " نظر إليها عادل بشغف ثم أصدر صوت همهمة ثم أخرج هاتفه من جيبه ووضعه على الطاولة و قال : " انا أود معرفة أولا , ما الذي أعجبك بي ؟ " ثم أضاف : " انا اعلم نفسي جيدا ! " و ابتسم ,
فقالت له : " أنت متواضع جدا , انت تملك ملكات ليست موجودة في هذا الزمان " ضحك عادل حيث بدأ ان يعتاد عليها و على الحديث معها ....
حتى قالت له : " أنت لم تقم بأي علاقات نسائية من قبل , أليس كذلك ؟ " تفاجئ عادل و قال : " و ما ادراكي ؟؟ " ابتسمت و قالت : " هذا واضح من شخصيتك و طريقة حوارك معي " نظر الى الأرض يائسا ثم نظر إليها : " هذا صحيح , و أتمنى ان تكوني أنتي أول فتاة في حياتي " ضحكت ريم بخفة ثم قالت : " حسنا حدثني عن نفسك اذا " فقال بسرعة : " انا إنسان عادي جدا , حياتي مملة جدا , ليس لدي أصدقاء , و تقريبا ان كريم اول صديق حقيقي بالنسبة لي " انتهى عادل من كلامه حتى رآها ساكنة و لا تتحرك ثم قال : " هل هناك ثمة أمرا ما ؟ " أجابت بسرعة : " لا لا و لكني تقريبا نفس حالتك , انا أيضا ليس لدي أصدقاء " فقال لها مبتسما : " و ماذا عن سارة و منى و ..... سوزان " ردت بسرعة : " سارة فقط هي الصديقة المقربة لي , أما الباقي علاقتي بهم سطحية للغاية " فقال لها بخجل : " أتمنى ان تعتبريني أكثر من صديقك "
فقامت ريم بكل خفة و بابتسامة و انحنت تجاه و طبعت على خديه قبلة حارة ذات صوت رنان ثم عادت إلى كرسيها مرة أخرى ..
فاحمر وجه عادل بشدة و اخذ يتحسس بأطراف أصابعه موضع القبلة فلم يلاحظ إلا ألقت ريم إليه مناديل ورقي و قالت له بابتسامة شقية : " تفضل " فــَهــم بسرعة ما قصدت حيث تركت أثار على خده من احمر الشفاه . . . . فمسح خديه و قال لها ببطء : " أنا لا استحق هذا " - " لا , أنت تستحق أكثر من هذا " فصمتا كلاهما لمدة ثلاث دقائق حتى قال لها : " ما هي هواياتك ؟؟ "
فقالت بيأس : " ان هواياتي لا يهتم بها احد في هذا الزمن , اشعر و كأنني منعزلة " - " لماذا ؟؟ , و ما هي تلك الهوايات ؟ " - " أحب القراءة بشدة , و أحب كتابة الخواطر , النثر , و أحب متابعة الصحف الأجنبية ... " بينما يحملق النظر بها , سكتت ريم و قالت بضحكة : " اعلم ان هذا جنون و لكن .... " قاطعها على الفور : " لا , العكس تماما , انا أيضا أحب نفس تلك الهوايات " ثم أضاف بشغف : " أحب القراءة و الكتابة أحب الصحف الأجنبية , نحن نفكر بنفس الاهتمامات ... " فضحكت و قالت : " هذا شرف لي " ثم فجأة قالت : " هيا بنا ... ؟؟ "
فأشار عادل الى النادل و و طلب منه الفاتورة فجاء بها بعد دقيقة و دفع له ما طلب , و غادر النادل فورا ..
فأشار عادل الى يديها و قال : " هل أنتي مخطوبة ؟؟ " فنظرت ريم الى يديها ثم قالت بتردد : " لا .. لا .. " فقال باستغراب : " لا .. ؟؟ " عدلت موضعها و قالت : " اقصد أني ارتدي محبس الخطبة عن عمد " ضحك عادل و قال : " عن عمد , كيف ؟ " - " لأني لا أريد ان يتقدم احد لخطبتي , لأني أريد ان ابحث عن هذا الشخص بنفسي " ثم أضافت بأنوثة : " و أظن بأنني قد وجدته " شعر عادل و كأن احد ما قد وخذه , فقال بابتسامة : " متى أستطيع ان أراكي مجددا ؟ ... " فقالت بهدوء : " وقت ما تريد ان تراني به , سوف تجدني "
* * * * *
دخل عادل على صديقه كريم وجده يتحدث بالهاتف , فرحب كريم به بصمت و هو يتحدث عبر الهاتف فجلس عادل بجواره بكامل فرحته ...
فأغلق هاتفه و نظر الى عادل و قال : " مرحبا يا عادل , كيف أحولك ؟ " فقال بسعادة مفرطة : " انا فرحا للغاية , لم أكن أتوقع أقابل فتاة تعجب بي بهذا الشكل " فضحك كريم ضحكة عالية و ذهب حيث يقوم بعمل كوب من نسكافيه فقال : " هل تريد ؟؟ " - " حسنا "
فانتظر حتى وصول الماء ذروة غليانه ثم صبها في كوبه أولا ثم كوب عادل , فأقترب عادل و اخذ كوبه بينما كريم جلس يشاهد التلفاز فجلس عادل أمامه . . .
فقال كريم وهو يأخذ رشفة من كوبه : " ماذا قلت للتو ؟ " بسرعة : " لم أكن أتوقع أقابل فتاة تعجب بي بهذا الشكل " ضحك مجددا حتى ضجر عادل فقال : " المعذرة , هل هناك ما يضحك ؟ " فقام من مقامه و قال : " لا , و لكن أصبحت كالأطفال " فدخل حمّامه صغير الذي يقضي فيه حاجته ثم قال بصوت عالي : " هل اتبعت ما قلته لك ؟ " بتردد : " بلى ... بالطبع " فصرخ و قال : " هل قبلتها ؟ ؟ " - " لا ... اقصد هي – بصوت منخفض – التي فعلت "
فجأة راه أمامه يقول له : " ماذا قلت ؟ " فقال عادل له : " هي التي قبلتني "
فتحرك كريم نحو كرسيه ثم جلس فلحقه عادل و جلس أمامه فقال كريم بهدوء : " ماذا تريد منها ؟؟ " ثم أضاف بلهجة تهديد : " اسمع يا عادل , لا أريد إلحاق الأذى لهذه الفتاة , أنها طيبة و لا تستحق ما سوف تفعله بها .... " فصرخ عادل و قال : " مهلا ... مهلا , ماذا تقول انت .. ؟ " ثم أضاف عادل بثقة : " لا أظن أني سوف أجد فتاة مناسبة لي أفضل منها " ضحك مجددا ثم قال : " بهذه السرعة ؟؟ , أنت لم تلتقي بها إلا مرة واحدة فقط " ثم أضاف : " ثانيا أنت لم تلتقي بفتيات حتى تحكم "
فقال كريم : " لا عليك من هذا , اخبرني ماذا تعرف عنها ؟ " - " لا اعرف عنها الكثير , لكنها مهذبة , هي فقط كان زميلة لنا أيام الدراسة " فسأله بحذر : " هل هي مرتبطة ؟ " فقال كريم بثقة : " بالطبع لا " - " كيف ؟؟ " - " اقصد يعني أنها لو كانت ارتبطت بأحد لكنا أول من علم بذلك "
ثم أضاف : " على أي حال مبارك لك .. " فقال عادل بسرعة : " هل أتقدم لخطبتها ؟؟ " فصرخ و قال : " ماذا ؟؟ " فقال بفزعة : " هل هناك أمر ما يمنع ذلك ؟ " أجاب بعدم أهمية : " لا , توكل على الله "
* * * *
في اليوم التالي و هو يمارس عمله جاءت فكرة على باله , فحاول الاتصال بريم و لكنها لم تجيب ...
بدأ عادل في تغير ملابسه فأصبح يرتدي ما يرتدون الشباب , و اخذ يستخدم أشياء لم يكن يعرفها من قبل مما أصاب كريم الاستغراب ..
حاول عادل الاتصال بها مجددا و لكن فوجئ بصوت أنثوي يقول " هذا الهاتف مغلق حاليا "
شعر عادل باليأس , فذهب إلى مكتب كريم فرآه نائما , فهّم للدخول و لكن عاد أدراجه ...
مضى قرابة خمس دقائق حائرا , ماذا يفعل , يتحرك بطريقة عشوائية في أرجاء المكان , حتى سمع هاتفه يغني و يقول : " فينك يا عمري يا كل عمري , كل ما أنسى أن أنت حبيبي , يصحى فيا الشوق يا حبيبي , و افتكر أيامنا تاني افتكر أيامنا تاني ....... "
حتى أجاب بسرعة و قال : " ريم ! , مرحبا " فأجابته و قالت : " عادل , كيف حالك , إن شاء الله بخير ؟ " فأجاب بتنهيدة : " الآن فقط .... أصبحت بخير " ثم أضاف بتردد : " هل أستطيع ان ... أراكي اليوم لأمر هام ؟؟ "
سكتت ريم لفترة قصيرة ثم أصدرت صوت همهمة حتى قالت : " حسنا .. " انكشفت ابتسامة رقيقة على شفتي عادل حتى صرخ من الفرحة و قال : " أين ؟ " فسمع منها نفس نغمتها ثم أصدرت صوت همهمة حتى قالت : " أين ما تريد ..." ثم أضافت ريم : " حسنا ... ما رأيك في أن نشاهد اليوم فيلم سينمائي ؟ " صمت عادل لفترة كي يتذكر هل في حوزته مالا أم لا ..
ثم قال : " حسنا , متى ؟ " - " بعد ساعة , ما رأيك ؟ " - " حسنا , سوف انتظرك أمام سينما حياة في وسط البلد " - " حسنا , مع السلامة " - " مع السلامة "
أغلق عادل الهاتف و أخذ يقبله كالمجنون حتى رأى أمامه كريم ينظر إليه و يقول : " ماذا .. تفعل ؟؟ " و هو متجمد لا يتحرك : " لا ..... و لكن كنت اود إعلامك بما حدث " و هو يتحرك نحو الحمّام و بتثاؤب يقول : " ممتاز , و ماذا حدث ! "
لحقه عادل من خلفه و يقول : " اقصد , أنني سوف أقابلها اليوم كي نشاهد فيلم سينمائي " بينما كريم يغسل وجه بالماء قال : " لقد تطورت بسرعة كبيرة " ضحك عادل و قال : " حقا ! " فنظر إليه و قال بحسرة : " بلى "
* * * * *
و بعد ساعة وقف عادل بالقرب من مدخل السينما منتظرا لقدوم ريم فسمع صوتها من خلفه تقول له : " هل تأخرت ؟؟ " التفت بسرعة و هو يتأمل ملابسها فقال مبتسما : " لا , لم يمض على قدومي كثيرا " فأمسكت زراعه و قالت : " حسنا , هيا بنا "
فدخلا عادل و ريم السينما و أخذا في مشاهدة احد الأفلام الرومانسية الأجنبية الممتعة !
شعرت ريم بالسعادة المفرطة بعد خروجهم مباشرة , و قد كانت الساعة قاربت على التاسعة مساءا , فطلب منها ان يدعوها على العشاء في إحدى مطاعم الوجبات السريعة في وسط البلد , فوافقت على ذلك . . .
جلست ريم أولا ثم عادل على طاولتهم في انتظار وصول طعامهم فلاحظ فجأة أخرجت ريم هاتفها و أعادت تشغيله , فقال لها باستغراب : " لماذا اطفأتي هاتفك ؟؟ " ارتبكت ثم نظرت إليه و قالت : " خشيت ان يزعجنا احد أثناء الفيلم " ضحك عادل و قال : " انا اسعد إنسانا بالدنيا " فرفعت ريم إحدى ساقيها على الساق الآخر و قالت مبتسمة : " و انا أيضا " بعد دقيقة سمع عادل النادل يصيح و يقول : " خمسة عشر .... خمسة عشر " فرفع إصبعه لها و قال : " بعد ازنك ! "
ابعد كرسيه للخلف و ذهب نحوه الرجل الذي يناديه و اخذ صينية الطعام البلاستيكية و جاء بها الى ريم , فجلس بكل هدوء و قال : " تفضلي ! " ردت بتلقائية : " أشكرك " في منتصف الجلسة قال لها دون ان ينظر إليها : " هل تستطيعي تحديد لي موعد مع والدك ؟؟ " بينما تحاول وضع لقمة الطعام في فمها تجمدت فجأة , ثم قالت بتعجب : " ماذا قلت للتو ؟؟ "
نظر إليها و قال بتردد و بخوف : " هل تستطيعي تحديد .... لي موعد ...... مع والدك ؟؟ " تركت تلك اللقمة التي بيدها و قالت : " هل أنت جدي ؟ " ابتسمت ريم ثم قالت بسرعة : " لا انا لم اقصد هذا , و لكن ... هل يبدو انك تسرعت في الأمر قليلا ؟؟ " عدل موضعه ثم قال بثقة : " هل هو كذلك ؟؟ "
فجأة رن هاتف ريم فارتبكت , فنظرت إليه و قالت : " المعذرة ! " فأجابت على من يتصل بها و قالت : " السلام عليكم ! " فأحمر وجهها ثم قالت : " لا .... الهاتف , لم ادري بأنه مغلق " سكتت لفترة ثم قالت : " مع صديقتي ..... حسنا لن أتأخر " أغلقت الهاتف ثم نظرت الى عادل بضجر و قالت : " المعذرة و لكن عليّ الذهاب الآن " - " هل هذا أباكي ؟؟ " - " من ؟؟ , نعم هو , المعذرة يا عادل سوف اتصل بك لاحقا ... " و قامت ريم من مكانها و غادرت فورا دون حتى ان تكلمه , بينما هو ينظر إليها و يتمنى ان تبادله النظر .. شعر عادل بيأس شديد حتى ترك المطعم و ذهب الى بيته . .
مر يومان كاملان دون ان تتصل به , وقد اشتعل قلبه محبة لها و كأنه عاشقا لها منذ أمد بعيد , حتى و عندما يحاول ان يتصل هو بها لا تجبه , مما كان يشعره بالقلق , فلم يكن لديه إلا اللجوء الى كريم ...
جلس عادل على مقعده أمام كريم و قال له بهدوء : " يا كريم , لقد حاولت الاتصال بها مرارا و تكرارا و لكنها لم تجب "
و كأنه يكلم نفسه : " من وقت ما جاءها هذا الاتصال المفاجئ و أحوالها تغيرت " ثم نظر إليه و قال : " حتى إنني أرسلت إليها رسائل على هاتفها و لكنها لم تجب , هل تعرف شيئا ؟؟ " ظهر ارتباك على وجه كريم ثم قال : " صدقني يا عادل , لم يحدث أي اتصال بيني و بينها " بسرعة : " حسنا , من فضلك اتصل بها الآن " - " الآن ؟؟ " بسرعة : " بلى , هيا "
فأخذ كريم هاتفه بتردد و أخذ يتصل بها حتى قال بعد وهله : " ريم مرحبا كيف حالك " ثم قال بسرعة : " عادل معي هنا الآن لماذا لم تجيبي عليه , انه قلقا بشأنك " فسرعان ما اخذ عادل الهاتف منه و قال : " مرحبا يا ريم ! " فسمعها تقول له بصوت مرتكب : " من ؟ " فأجابها باستغراب : " انا .. عادل " فقالت له بجفاء : " أوه نعم .. مرحبا يا عادل " - " لماذا لم تجيبي على هواتفي ؟ " - " آسفة و لكني كنت منزعجة لأمر ما " - " و الآن ؟؟ , هل ما زلتِ منزعجة ؟ " ضحكت ثم قالت : " ماذا تريد ؟؟ "
نظر الى كريم نظرة خفية , ثم ابتعد عنه مسافة خمس او ست أمتار ثم قال لها : " الموضوع الذي تحدثنا به منذ يومين " ثم قالت بخلسة : " لا اعلم يا عادل , اظنك انك تسرعت قليلا , من فضلك هل تستطيع تأجيل هذا الموضوع ساعتان فقط ... " - " حسنا كما تريدي .... "
* * * * *
لم يمض سوى ساعات قليلة حتى جاءه اتصال من ريم ...
ابتسم عادل , احمر وجه , و فرز كمية ليست بقليلة من الأدرينالين , حتى استعد قواه و تناول هاتفه و قال : " مرحبا " فقالت له بأنوثة : " مرحبا يا حبيبي " صدم عادل عندما سمع هذا منها فقال : " هل أنا المقصود ؟ " ضحكت ريم و قالت : " بالطبع , هل أحدث احد غيرك ؟ " - " هل اعدتي التفكير فيما طلبته منك ؟ " - " اوه نعم ... حسنا , هل أنت مشغول الآن ؟ " - " لا , لست مشغولا " - " حسنا سوف انتظرك في ستارباكس كافيه بعد ... بعد ساعة " - " حسنا و انا سوف انتظرك من الآن " - " مع السلامة يا عادل " - " مع السلامة "
* * * * *
- " هل تعرفي يا ريم انك أول فتاة أحبها في حياتي ؟؟ " , قالها عادل لريم في المقهى ....
اصطنعت ريم ابتسامة ثم قالت : " و أنت أيضا " فاقتراب النادل إليهم و قدم لهما القهوة و غادر على الفور فقال لها : " هل تحدثتي مع والدك ؟؟ " - " لا ليس بعد .. و لكني تحدث معه بشكل غير مباشر بشأني " بعدم اقتناع : " و ماذا بعد " ضحكت ثم قالت : " لا تقلق سوف أتحدث معه غدا "
رن فجأة هاتفها فتناولته فرأت اسما مألوفا فقالت لعادل : " المعذرة " فقامت من مكانها و ابتعدت بعيدا حتى تتحدث على راحتها . . . .
فظل عادل ينظر إليها , فراها تتحدث بخفة دون ان تنفعل , فمضت دقيقتان حتى قدمت إليه و جلست أمامه ثم قالت : " المعذرة يا عادل , انه أبي " فجأة قالت له : " لماذا لا تنمي عضلات جسدك و تصبح كالمصارعين ؟؟ " ضحك و قال : " لا أحب هذا , و لكن اذا كنتي مصّرة .. " فابتسمت ثم قالت : " أود ان أسألك سؤال و لكن , أرجوك لا تسئ فهمي " - " تفضلي " ببطء : " كما تعلم ان ابي سوف يطلب منك بيت كي نعيش فيه " فقال بثقة : " انا لدي بيت صغير , ابي اشتراه لي عندما كنا صغار "
ابتسمت ريم و قالت : " حسنا و .... " قاطعها مبتسما و قال : " لا ... لا املك سيارة "
ضحكت ريم و قالت بسرعة : " لا لا اقصد هذا , بل هل ستجد عملا آخر غير هذا ؟ " - " و ما به عملا , مما يشكى ؟؟ " - " اقصد انه لن يكفي أسرة " ضحك و قال : " على العموم هذا سابق لأوانه "
مرت ساعة من الحديث الذي سمح للطرفين التعرف الى بعضهم البعض حتى قدم النادل و قدم الفاتورة الى عادل , فأعطاه ما أراد و انصرف ...
فقالت ريم : " سوف أحدث أبي غدا , و هذا وعد مني لك " فقال لها : " الساعة الآن الخامسة , هل لديكي مانع ان نتمشى قليلا على جوار النيل ؟ " بابتسامة : " لا " فأمسك يديها و قال لها : " هيا بنا "
ظلا يمشيان و يمشيان حتى وقف أمام احد الباعة للحمص الشام و قال لها : " الطقس بارد , هل تريدي " ابتسمت و قالت : " يداك تكفيني ! " ضحكت عادل و طلب من صاحب العربة و قال له : " من فضلك كوبان من حمص الشام " بينما ريم تراقب الشارع و عادل يقف أمامها يحضر الكوبان من صاحب العربة , فجأة تصرخ ريم بشدة و تقول : " عادل انتبه ! "
لم يلاحظ عادل و إلا رجل من خلفه قد ضربه على امة رأسه فسقط على الأرض ملطخ بدمائه . . .
اقترب هذا الرجل الضخم ذو العضلات المفتولة من عادل و أمسكه من رقبته و قال لريم : " هل هذا هو القذر الذي تفضليه عني ؟ "
فضربه مرة أخرى على رأسه فصرخ من شدة الألم و سقط مجددا , فحاول ان يقف و لكن لم يكن باستطاعته ... بدأ الجمهور بالتجمع حولهم فصرخت ريم و قالت : " من فضلك يا بركات ... من فضلك , اتركه "
فصرخ في وجهها و قال : " اخرسي ! " فأجمع عادل قواه و أفاق مما فيه , فوقف أمام هذا الضخم و قال له بهدوء : " من فضلك يا سيد , يوجد فقط سوء ... تفاهم " فصرخ و قال : " أي سوء هذا يا قذر , إنها خطيبتي يا حيوان "
ثم لكمه مرة أخرى على فكه فسقط عادل على الأرض و انعدمت الرؤية لديه و أصبحت مشوشة ... فسمعه يحدث ريم يقول لها : " لا أريد ان أراكي ثانيا يا ساقطة , و ها هو محبسك " فالقاه في وجهها و قبل ان يغادر ضرب عادل مجددا بقدمه و بصق عليه و غادر على الفور . . .
اقتربت ريم بسرعة إليه و جثت على ركبتيها و قالت بقلق : " عادل ... هل أنت بخير " أبعدها بيده ثم استجمع قواه و حاول ان يتحرك و لكنه كان يقع في كل مرة , بينما الجمهور من حوله يحدقون النظر به و بريم محاولة لمعرفة لماذا حدث لذلك . . . حتى اقترب شاب قصير ناحيته حاول ان يساعده فقال له : " أين تريد الذهاب ؟ " - " من فضلك أريد سيارة أجرة "
فلحقت ريم به كي تحاول ان تتكلم معه لكنه أبى , فركب سيارة الأجرة و انطلق نحو بيته . . .
* * * * *
عادل ملقيا على سريره يحاول ان يريح جسده مما حدث له , فجأة رن هاتفه و لكن لم يستطيع الإجابة حتى خمس أو ست مرات , فتناوله عادل و أجاب بسرعة و قال : " من معي " فسمع صوت كريم يقول له : " عادل ماذا حدث لك يا صديقي " - " اصمت , لقد كذبتم عليّ جميعا " - " ماذا تقول ؟ " - " كذبت عليّ عندما قلت لي بأنها ليست مخطوبة و لا اعلم ما تخفيه أيضا " - " صدقني لم أكن اعلم , ريم لم تخبرني بذلك " - " حسنا ! " و ألقى بالهاتف بعيدا . . . .
فأخذ يتأوه من ألامه حتى سمع صوت طرقات الباب فقال : " تفضلي يا أمي " فدخلت سيدة كبيرة في السن رشيقة حزينة على ما حدث لابنها , فقالت له : " كيف حالك يا بنيّ الآن " - " أحسن يا أمي " فجلست بجواره ثم قالت : " هلا تقص لي ماذا حدث معك " - " هل تتذكري الفتاة التي حدثك عنها من قبل ؟ " - " ريم ! " - " بلى , اكتشفت اليوم بأنه مخطوبة لرجل يشبه سلفستر ستالون " ضحكت والدته و قالت : " من ! " فضحك عادل و قال : " رآني معها اليوم و ابرحني ضربا " و كأنه يكلم نفسه : " لا اعلم ما هي الحكاية " - " الحكاية واضحة , أنها مخطوبة لرجل آخر و تريد ان تلهو معك " فقال باستغراب : " تلهو معي " - " بلى " فأجابها بحزن : " حسبي الله و نعم الوكيل , الفتيات تلهو مع الشباب "
* * * * *
دخل عادل فجأة مكتب كريم فصعق من مكانه , فوقف بسرعة و حاول ان يهدئه : " عادل , ماذا حدث لك , وجهك محطم كليا " - " اخرس "
أغلق الباب من خلفه و اجبر كريم على الجلوس ثم جلس عادل بعده . . .
فقال له بكل حذر : " سيد كريم , يا صديقي العزيز , اخبرني الحقيقة كاملة و إلا لن تخرج من هنا سليما " فنهض كريم و صرخ : " ماذا تقول يا ولد , هل نسيت نفسك ؟" فأجبره عادل على الجلوس مجددا و قال بهدوء : " لا لم أنسى نفسي , انا لا أستطيع إيذاء ذبابة و لكن ... " ثم صرخ و قال : " يا سالم " فدخل رجل طويل عريض المنكبين اسود اللون و يحمل بين يديه سكينة حادة . . .
فصرخ كريم خوفا : " يا عادل نحن أصدقاء من فضلك لا تفعل هذا " ظل يدور حول كريم و هو يقول : " اخبرني يا كريم , اخبرني القصة كاملة , و لماذا حدث ما حدث . . . ! " - " حسنا , حسنا و لكن ابعد هذا عن هنا " فصرخ عادل : " أكمل " فقال كريم : " عندما غادرت النادي منزعجا بخصوص المخدرات , جلست ريم بجواري و قالت لي "
- " من هذا المدلل ؟ " فقال كريم : " انه عادل يعمل لدينا في المتجر " ثم قالت : " و لكنه هل هو ساذج قليلا ؟ " ضحك كريم و قال : " جدا " ظلت تفكر كثيرا حتى قالت : " ما رأيك بعمل لعبة صغيرة ؟ , مثل هذه الشخصيات يخرج منها الكثير " باستغراب : " لعبة , أي لعبة ؟ " ظلت تفكر و قالت : " سوف اشرح لك فيما بعد و لكن أريد منك ان تخبرني عن صديقك عادل "
فقال عادل : " و ماذا بعد " قال كريم : " أعطيتها بعض المعلومات عنك و عن ما تحب و عن ما تكره و هكذا ... " - " ثم , ..... " - " ثم أخبرتك بأنها تريد رقم هاتفك "
ثم أضاف كريم مبتسما : " و عندما قابلتها أول مرة في المقهى , اتصلت بها و علمت ما حدث بينكم , بالطبع كنت مركزا للسخرية , و بعد ذلك بعد عودتكم من السينما أخبرتني ماذا قلت لها , وانك تريد مقابلة والدها لخطبتها , أخبرتها بأن لا تجيب علي هواتفك هذه الأيام و إن اطر الأمر تغلق هاتفها نهائيا , و لكن خطيبها بركات كان دائما يسبب لها المتاعب ..... "
ثم قال كريم : " و عندما دعوتها على العشاء في مطعم الوجبات السريعة اتصل بها خطيبها بركات , مما جعلها تدعك و تغادر مسرعة "
سكت كريم قليلا ثم قال : " و عندما كنتم في المقهى في المرة الأخيرة اتصلت بها و أخبرتني بأنك معها في نفس المقهى و انك من دعاها الى ذلك , فأخبرتني بأنها حقيقياً أصبحت مشدوهة بك , بعيدا عن ما حدث مسبقا , و هي الآن تحبك فعليا و أنها سوف تحدث والدها عنك و أنها سوف تصرف النظر عن بركات لأنها تشاجرت معه لأمر بالغ الأهمية و لم تعد تحتمله , و لكن القدر لا يريد ان يكملها معك , أرسل إليك بركات و حدث ما حدث "
اقترب عادل منه أكثر و قال : " تبا لك و لريم " ثم صفعه على خده و هّم لمغادر المكتب حتى رأى أمامه ريم تبكي فحاولت ان تتحدث معه فتركها و مضى سيره مما لحقت به حتى وقف و قال : " ريم ! اغربي عن وجهي , لم اعد أود رؤيتك "
فتركها و مضى سيره و لكنها حاولت ان توقفه حتى صرخت : " اقسم لك إني أحبك ... أقسم لك إني احبك " و لكن لم يهتم بها و ذهب بعيدا فتجمدت ريم مكانها يائسة فرددت مرة أخرى عبارتها بصوت منخفض قليلا : " اقسم لك إني أحبك ... "
* * * * *
جلس عادل على سريره حزينا , شاردا , ضائعا , لماذا أول حب في حياته يصدمه هكذا ؟؟ هل يصفح عن ريم ؟؟ , و لكنها جعلت منه أضحوكة , لماذا لا يفسر هذا بأن القدر جعلها منذ البداية لعبة و اختتمها بزيجة ؟؟
" لماذا اصطنع لنفسي سببا من أجلها , هل أفكر بالإصفاح عنها ؟؟ " " هل هذه طيبة . . . . أم سذاجة , في كلتا الحالتان ... دائما خاسرا " .. | |
| | | مجد المراقب العام
المزاج؟ : المهنة : عدد المساهمات : 848 تاريخ التسجيل : 23/03/2011 العمر : 30 الموقع : ملاك الروح
| موضوع: رد: طيبة .... ام سذاجة 2011-10-13, 1:02 pm | |
| الطيبة مطلوبة ولكن ليس بهذا الكم قصة رائعة سيدي سلمت يداك
| |
| | | أدهم مراد ملاك سوبر
المزاج؟ : المهنة : عدد المساهمات : 15567 تاريخ التسجيل : 28/10/2010 العمر : 39 الموقع : ملاك الروح
| موضوع: رد: طيبة .... ام سذاجة 2011-10-13, 10:30 pm | |
| تسلم اخى العزيز مجد نورت القصه
ويعجبنى رايك .. | |
| | | | طيبة .... ام سذاجة | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر | |
المواضيع الأخيرة | » سحر الكلمات على القلوب 2024-11-19, 5:23 pm من طرف عطر الورد» الفاتحة على روح والدتي الغالية جزاكم الله خيرالجزاء2024-11-19, 5:13 pm من طرف عطر الورد» عايز افضفض 2024-11-13, 3:35 pm من طرف عطر الورد» ماذاستكتب على جدارمنتدى ملاك الروح ؟2024-11-13, 3:19 pm من طرف عطر الورد» همسة حنين....2024-11-13, 3:17 pm من طرف عطر الورد» صباحيات مسائيات معطرة بوجودكم مع ملاك الروح2024-11-13, 3:15 pm من طرف عطر الورد» أمرأه من نار2024-11-12, 8:31 pm من طرف ميوس تميمي» "شجرة البؤس"2024-11-10, 3:13 pm من طرف عطر الورد» رغم الغياب2024-11-10, 3:11 pm من طرف عطر الورد» تحية سلام ومحبة2024-11-06, 10:02 pm من طرف زهية» جمعة طيبة إن شاء الله2024-10-25, 12:02 pm من طرف عطر الورد» استغفر الله العظيم واتوب اليه2024-10-20, 7:06 pm من طرف المحبة في الله» شاركونا فى حملة مليون صلاة على النبى 2024-10-20, 7:04 pm من طرف المحبة في الله» السلام عليكم ورحمة الله وبركاته2024-10-20, 7:03 pm من طرف المحبة في الله» القرآن : ينفع ، يشفع ، يرفع ، فلا تهجروه 2024-10-16, 6:40 am من طرف عطر الورد» سجل حضورك اليومي بالدعاء للمسجد الأقصى2024-10-01, 7:44 pm من طرف عطر الورد» سجل حضورك اليومي بالدعاء لمرضى المسلمين2024-10-01, 7:42 pm من طرف عطر الورد» أنجح العلاقات هي التي تبنى على وضوح الحقوق والواجبات 2024-09-30, 8:26 am من طرف عطر الورد» الحدود الشخصية ، من هنا البداية2024-09-30, 8:23 am من طرف عطر الورد» اذكـار الصبـاح والمساء2024-09-28, 6:49 am من طرف عطر الورد» اشــــراقــــات ....2024-06-15, 8:43 pm من طرف المحبة في الله» عيد اضحى مبارك عليكم جميعا 2024-06-15, 8:30 pm من طرف المحبة في الله» واحدة من أجمل الجمل التي قرأتها2024-04-27, 7:04 pm من طرف عطر الورد» نصيحة من القلب2024-04-27, 7:00 pm من طرف عطر الورد» عيد فطر مبارك كل عام وأنتم بخير وصحة وسلامة 2024-04-11, 9:56 am من طرف عطر الورد» دعاء رمضان2024-04-02, 7:56 am من طرف عطر الورد» قطرات الندى2024-03-28, 12:08 pm من طرف عطر الورد» لماذا نصوم يا أمي؟2024-03-24, 8:05 am من طرف عطر الورد» رمضان كريم كل عام وأنتم إلى الرحمن أقرب 2024-03-10, 11:32 pm من طرف المحبة في الله» شاركونا فى حملة مليون صلاة على النبى2024-03-10, 11:31 pm من طرف المحبة في الله» هل من موحد؟؟؟؟؟2024-03-10, 11:30 pm من طرف المحبة في الله» زهرة من بستان الخير2023-06-10, 4:58 pm من طرف ابو ريهام» الى الاقلام التى رحلت عنا 2023-03-27, 12:37 am من طرف ابو ريهام» يوما ما كان كل شيئ على ما يرام 2023-03-26, 9:00 am من طرف عطر الورد» أين الفرح يا أبي... أين طيفك يا أبي2023-03-11, 4:43 pm من طرف عطر الورد» نحن لسنا بحاجة إلى عـيد (الحب)2023-02-14, 4:16 pm من طرف عطر الورد» جميل أن نسأل عن أصدقائنا الغائبين عن المنتدى.2023-01-27, 3:50 pm من طرف عطر الورد» روضة منتدى ملاك الروح للأدعية الاسلامية2023-01-27, 7:44 am من طرف أبوحيدرحباب» من أجمل الأقوال 2023-01-23, 10:42 am من طرف عطر الورد» وصية محب....2023-01-21, 8:25 pm من طرف عطر الورد |
المصحف الالكتروني |
|
احصائيات | هذا المنتدى يتوفر على 2011 عُضو. آخر عُضو مُسجل هو احمد مصلح فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 297389 مساهمة في هذا المنتدى في 27802 موضوع
|
المتواجدون الآن ؟ | ككل هناك 241 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 241 زائر
لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 287 بتاريخ 2024-10-05, 9:46 pm
|
|