خالد بن الوليد هو بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمرو بن مخزوم أبو سليمان
كان واحدا ممن انتهى إليهم الشرف في الجاهلية
كان في وقائع بدر والخندق وأحد قائدا لخيل المشركين
ولم يشهد مع رسول اللّه إلا ما بعد الفتح من الوقائع.
كان خالد في قومه موصوفا بالشجاعة محببا فيهم مقدما عندهم
موفقا للنصر عارفا بأصول الحرب.
وكان من طباعه الشدة والتسرع، وكان في عهد أبي بكر قائدا على الجنود،
و لشدة تسرعه ألح عمر على أمير المؤمنين بعزله فلم يوافقه على ذلك.
يرجح ان خالدا اسلم سنة سبع من الهجرة .
ولما أسلم أرسله رسول اللّه مع جيش من المسلمين أميره زيد بن حارثة
إلى مشارف الشام من أرض البلقاء(شمال الاردن حاليا)
لغزو الروم فحدثت هنالك وقعة مؤتة العظيمة التي استشهد فيها زيد
ثم أخذ الراية منه جعفر بن أبي طالب فاستشهد أيضا
ثم أخذها عبد اللّه بن رواحة فاستشهد أيضا.
اتفق المسلمون على دفع الراية إلى خالد بن الوليد فأخذها
وقاد الجيش قيادة ماهرة وقاتل بنفسه قتالا عنيفا حتى تكسر في يده سبعة أسياف
وما زال يدافع عدوه حتى أجبره على الابتعاد عنه ثم انسحب بسلام إلى المدينة.
فسماه رسول اللّه
سيفا من سيوف اللّه.وذلك أنه لما قتل الأمراء الثلاثة وأخذ خالد الراية
أوحي إلى النبي بذلك فصعد المنبر وأعلم المسلمين بقتل زيد وجعفر وابن رواحة
وقال ثم أخذ الراية سيف من سيوف اللّه خالد بن الوليد وفتح اللّه عليه.
وكان النبي يولي خالدا أعنة الخيل فشهد مع رسول اللّه فتح مكة.
بعثه رسول اللّه إلى بني خذيمة داعيا لا مقاتلا
فذهب فقاتلهم وقتل منهم فلما بلغ الرسول ذلك رفع يديه إلى السماء ثم قال
(اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد)
ثم أرسل عليا ومعه مال لفدي الدماء والأموال
ثم جاء خالد إلى النبي فاعتذر عما بدر منه.
وكان خالد على مقدمة رسول اللّه يوم حنين
فجرح خالد فعاده رسول اللّه ونفث في جرحه فبرئ.
وأرسله إلى أكيدر صاحب دومة الجندل فأسره
وأتى به إلى رسول اللّه فصالحه على ان يدفع الجزية.
وأرسله إلى بني الحارث بن كعب بنجران وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام
فإن أجابوا أقام فيهم وعلمهم شرائع الإسلام
وإن أبوا قاتلهم فذهب إليهم وأسلم الناس على يديه وأقام بينهم هاديا ومعلما.
لما توفي الرسول عليه السلام ولاه أبو بكر قتال العرب المرتدين عن الإسلام
أشد ما لقي خالد من العرب المرتدين كان في قتاله مع مسيلمة
الذي ادعى النبوة باليمامة إذ خرج يقاتل بستين ألف رجل
فلما اشتد القتال انكشف المسلمون حتى أنهم انحسروا عن خيمة بن الوليد قائدهم.
نهض خالد وزيد بن الخطاب وثابت بن قيس وغيرهم من إجلاء القوم
وبثوا في الجند روح الحمية حتى ردوا الأعداء إلى أبعد مما كانوا وصلوا إليه
ثم اشتد القتال وعظم الخطب وتحمس أتباع مسيلمة
فخشي خالد أن ينهزم العرب الذين معه ويستعر القتل في المهاجرين والأنصار.
فنادى في الناس أن امتازوا أي ليلزم كل شخص قبيلته
فظهر أن عدد القتلى في المهاجرين والأنصار أكثر مما في غيرهم.
علم خالد أن الحرب لا تخمد نارها إلا بقتل مسيلمة
فطلبه للبراز فخرج إليه فحمل عليه خالد فانهزم مسيلمة.
فدعا خالد إذ ذاك المسلمين للحملة على أعدائهم فحملوا عليهم حملة صادقة
فهزموهم ودخل المهزومون حديقة وأغلقوها عليهم.
نهض أحد إجلاء الرجال وهو البراء بن مالك فقال :
يا معشر المسلمين ألقوني عليهم، فحملوه حتى اقتحم الجدار وسقط إلى الباب
فقاتل عليه حتى فتحه، فدخل المسلمون الحديقة فاقتتلوا فيها أشد قتال فقتل هنالك مسيلمة.
ولما علم قومه بمقتله حاولوا الهرب ولكن السيف كان أسرع وهزموا شر هزيمة.
بعد فراغ خالد من قتاله لمسيلمة في اليمامة أرسله أبو بكر للعراق
فكانت أول وقائعه فيها وقعة الحفير قرب خليج البصرة وكان اسم صاحبها هرمز.
فطلبه خالد للبراز فبرز إليه ولم يتجاولا إلا قليلا حتى قتله.
وحمل القعقاع بن عمرو علىٍ الفرس وهزمهم.
لما انهزم أصحاب هرمز التقوا في الطريق بعسكر أرسله إليهم كسرى
وكان هرمز أرسل إليه يطلب المساعدة فاجتمعوا معا
ورجعوا إلى محاربة خالد فأعاد عليهم الكرة وهزمهم وقتل وسبى
وكان في السبي يومئذ أبو الهمام الحسن البصري وكان نصرانيا.
ثم علم خالد أن كسرى ازدشير بعث إليه بجيش بقيادة الأندرزعز
أكثره من العرب الضاحية والدهاقين فسار إليهم ونصب لهم كمينا،
فلما التقوا ونشبت بينهم الحرب خرج إليهم الكمين
وأحاط بالعدو فقتل منهم خلق كثير منهم قائدهم الأندرزعز وقد كان موته عطشا.
ثم ذهب خالد إلى الحيرة فأتاه الدهاقين من تلك النواحي فصالحوه على ألفي ألف.
وفي تلك الأثناء مات كسرى ازدشير ووقعت الفرس في الإضطرابات السياسية
فأخذ خالد يتمم فتح العراق فقصد الأنبار وكان عليها شيرزاد فخرج لقتاله فلم يوفق.
ثم صالحه وصالح خالد من حول الأنبار وسار إلى عين النمر
فاستقبله عاملها للفرس مهران بن بهرام جوبين بجند عظيم من الفرس والعرب
تحت قيادة عقبة بن أبي عقبة، فبينما كان عقبة يعبىء صفوفه هجم عليه خالد
واحتضنه وأخذه أسيرا فانهزم العرب بلا قتال.
وتبعهم الفرس وتحصنوا في حصن فما زال به خالد حتى أفتتحه.
ومنها سار خالد إلى دومة الجندل فخرج إليه من فيها فانهزموا وأخذ المسلمون الحصن.
رضي الله عنه وأرضاه