علاج نباتي فعّال للسكري واختلاطاته ينتظر الاهتمام منذ ربع قرن...صيدلاني استخلص مستحضر
|
2012-03-25 |
علاج نباتي فعّال للسكري واختلاطاته ينتظر الاهتمام منذ ربع قرن
زاوج بين خبرة ورثها عن أبيه وجده في محل للعطارة بسوق مدحت باشا، وبين
دراسته للصيدلة في جامعة دمشق، وبين الإرث الطبي العربي، فكانت التجربة
والعلم والبحث طريقه للوصول إلى تركيبات دوائية نباتية أثبتت نجاعتها،
وأذهل بعضها الغرب، ولكنها لا تزال حبيسة مكتبته تنتظر التبني والاهتمام
المحلي لتصنيع الدواء من خلاصات نباتية.
محمد منصور الخطيب خريج كلية الصيدلة منذ 32 عاماً وحائز دبلوم الدراسات
العليا في تأثيرات الأدوية تحدث لـ«الوطن» عن بعضٍ من تجاربه وبحوثه
الكثيرة، مشيراً إلى التجربة العربية البالغ عمرها أكثر من ألف سنة وقوامها
دراسات ابن سينا وابن البيطار والرازي وغيرهم، وهؤلاء أعطوا كماً هائلاً
من الملاحظات حول النبات، والغرب استفاد من هذه الملاحظات إلى حد لا يمكن
تخيله.
وتحدث الخطيب عن توصله لعلاج متكامل لمرض السكري واختلاطاته، يعتمد على
خلاصات من نباتات سورية تنحدر من فصائل مختلفة خلال تحضيره رسالة الماجستير
فقال: أشرف على بحوثي هذه الدكتور نذير العضمة أستاذ الأدوية آنذاك في
كلية الصيدلة بجامعة دمشق، والدكتور الكندي برونو بينفي رئيس قسم الأدوية
بكلية الطب بجامعة «ماك غيل» بمونتريال، واشتغلت خلال البحث على نباتات
سورية ودرست فعاليتها وسُمّيتها، وتوصلت إلى خلاصات مائية مكثفة، والوصفة
تكاد تخلو من السمية، حين بدأت أعراض التسمم اضطررت لإعطاء جرعة خمسين
يوماً دفعة واحدة لحيوان التجربة، والعلاج أعطى نتائج مبهرة، وله مهمتان
الأولى هي علاج مرض السكري وإعادة استقلاب السكر في جسم الإنسان، فالسكري
نظام متكامل يتداخل فيه الدواء والغذاء، وقبل عام 1994 كان معروفاً أن نقص
الأنسولين هو سبب المرض، ولكن بعدها توصل العلماء إلى أنه من الممكن أن
يكون الأنسولين طبيعياً، ولكن غير فعال، أو يكون فعالاً مترافقاً مع نقص في
المستقبلات المسؤولة عن احتراق جزيء السكر في الخلايا، وبالتالي يتركز
السكر في دم الإنسان، ومن هنا أعطى العلاج نتائج مبهرة في تنشيط
المستقبلات، فعلى سبيل المثال، قدمته لسيدة مسنة كانت تتلقى يومياً 100
وحدة أنسولين، وخلال خمسة أشهر استغنت عن الأنسولين وأصبح معدل السكر لديها
طبيعياً من دون أي علاج، ولكن وفق نظام غذائي معين.
أما المهمة الثانية للعلاج فهي التعامل مع المظاهر الإضافية السيئة الناتجة
عن مرض السكري، مثل التهاب الجلد والقدم السكرية والقصور الكلوي والإصابات
العينية، فالتهاب الأعصاب المحيطي والاحتراق بالأصابع تراجع بشكل كبير
خلال شهرين من المعالجات النباتية، والقدم السكرية عولجت موضعياً بالنبات
لدرجة عجز الطب الكيميائي عن التوصل إليها، أما التهاب الأعصاب المركزي
والقصور الكلوي والإصابات العينية فلم يشفها العلاج ولكنه أوقف تطورها.
وتحدث الخطيب عن تركيبة دوائية نباتية أخرى توصل إليها من خلال البحث
والتجريب، فرُفضت التركيبة محلياً، وغدت اليوم حكراً أردنياً ينتج في دول
عديدة، وقال: كان والدي يصنع «تحاميل» من نبات سوري ويعطيها للمرضى لعلاج
البواسير، ومن خلال دراستي للنبات في الثمانينيات، توصلت إلى نباتات أخرى
ذات جدوى في علاج البواسير، وتوصلت إلى صيغة نهائية من عدة أعشاب من خلال
تجاربي بالدراسات العليا في معمل تاميكو، ورحت أعطي هذه الصيغة للمرضى،
فكانت النتائج رائعة، وأفضل من أي مستحضر في العالم بذلك الوقت، وطرحت هذه
التركيبة على معمل تاميكو الذي تشجع لفكرة إنتاج المستحضر، ونال المشروع
موافقة وزارة الصناعة آنذاك، ولكن وزارة الصحة لم توافق على المشروع.
وأضاف الخطيب: في ذلك الوقت كان يتردد أحد العطارين الأردنيين إلى محلي
بسوق مدحت باشا يشتري الأعشاب ويطلب النصائح، وقد سمعني أتحدث عن هذه
التركيبة وعن جدواها، فحفظها وقدمها على شكل خليط جاهز لأحد معامل الدواء
الأردنية على أنها من ابتكاره، وعندما جربها المعمل حصل على نتائج جيدة
فتبنى مشروع إنتاجها، وحصل العطار الأردني على نسبة أرباح بلغت 10% لمدة 12
عاماً، وأصبح مستحضر «هيلر» حكراً أردنياً تم تسجيله فيما بعد في دول
كثيرة بينها كندا، واليوم معاملنا تنتج مستحضرات مماثلة للمنتج الأردني.
وتابع الخطيب بالقول: في عام 1992 عقد المؤتمر الأول للأدوية النباتية في
سورية والتقيت حينها برئيس قسم الإنتاج بالمعمل الأردني، وأعطيته التركيبة
بنسبها الصحيحة، وكشفت له السلبية الوحيدة للمستحضر، وهي أنه لا يعطى
للمرأة الحامل لأنه يقبّض شرايين الرحم وقد يؤدي إلى الإجهاض، وبعدها أصبح
المنتج الأردني يحمل هذا التحذير.
وقال الخطيب: من خلال بحثي ودراستي وجدت أن هناك الكثير من الصيغ
الكيميائية لها مثيلات طبيعية في النبات المحلي وهي أكثر فاعلية بشكل يفوق
الوصف، ووجدت الباب مفتوحاً على مصراعيه للتجريب والدراسة. فمثلاً مستحضر
الجنتمايسين هو دواء كيميائي، وقد وجدت أن صيغة إحدى النباتات هي الأقرب
إلى مركب الجنتمايسين الكيميائي، وفي التجربة العملية كانت قدرة المركب
النباتي على قتل الجراثيم في الاستعمال الخارجي أقوى من أي مركب كيميائي،
فاستخلصت من هذا النبات مستحضراً قدّمته لسيدة سورية تقيم في الولايات
المتحدة الأميركية، تعاني من إصابة فطرية مزمنة، وكانت تتلقى العلاج في
مستشفى أميركي ولكن من دون جدوى، فشفيت تماماً خلال 15 يوماً باستخدامها
تركيبتي النباتية، بشكل أذهل القيمين على علاجها في الولايات المتحدة فطالب
هؤلاء بالتركيبة، ولكن مثلها مثل الكثير من التركيبات رفضت تسريبها على
أمل أن تجد طريقها يوماً إلى صناعة محلية تهتم بإنتاج الدواء من مستخلصات
نباتية، فهناك الكثير من الخلاصات التي توصلت إليها من خلال دراستي للنبات،
وهي علاجات بسيطة من أعشاب متوافرة لدينا ولا نعيرها أي اهتمام، ومن
العلاجات التي يمكن أن أذكرها في هذا السياق علاج قدمته لسيدة كانت تعاني
من آلام المفاصل (نظير روماتيزمي) وتبين من تحليل بروتين C المناعي (سي آ
ربي) أن النسبة لديها هي 9.2 علماً أن الحد الأعظمي يجب ألا يتجاوز الـ0.5،
وكانت السيدة المذكورة تتلقى العلاج في مشفى القديس لوقا ببلجيكا، وبعد
اطلاعي على التحاليل، قدمت لها علاجاً عشبياً بسيطاً انخفضت معه النسبة إلى
0.32 خلال ثلاثة أشهر، ما أذهل أطباءها البلجيكيين الذين طالبوا كذلك
بمعرفة مكونات العلاج، ولكنني رفضت إعطاءهم هذه الوصفة للسبب نفسه، وحتى لا
تتكرر تجربتي مع «تحاميل هيلر».