بما أننا أصبحنا في زمن اصبح فيه الإسلام غريبا وأصبح المتمسكون
بدينهم القابضون على الجمر غرباء
لنعرف من هم الغرباء ؟؟
هم الأتقياء، الأنقياء، الأخفياء ..!
هم الذين يظهرون حينما يختفي الناس .. ويختفون حينما يظهر الناس ..!
هم الذين يتقدمون حينما يتراجع غيرهم .. ويتأخرون حينما يتقدم غيرهم في مواضع الشهرة والطمع!
هم الذين يصلحون إذا فسد الناس .. ويُصلحون ما يُفسده الناس!
هم النذير الصريخ الذين يقفون في وجه التيارات الجارفة نحو الهلاك .. لا يبالون لرضى أو سخط مخلوق ..!
هم الذين يُرجمون من الباطل وأهله .. ومع ذلك فهم لا يُبالون .. ولا يلتفتون عن صراط الله المستقيم!
هم الذين يضعون نصب أعينهم مرضاة الخالق .. وإن سخط عليهم الساخطون!
هم الذين لا تغرهم الجماهير الكثيرة .. ولا صفيق المصفقين .. يستوي عندهم ـ في الحق ـ القليل والكثير .. كما يستوي عندهم إقبالهم وإدبارهم .. من يبغضهم من الناس أكثر ممن يُطيعهم !
هم الذين لا يثنيهم عن نصرة الحق .. قلة الأعوان والأنصار .. ووحشة الطريق!
فتنة الشدة والرخاء عندهم سواء ..!
هم الراحلة من بين مائة إبل ..!
هم القابضون على دينهم .. يوم يكون القابض على دينه كالقابض على جمر من نار أو خبط الشوك .. في زمانٍ يكون فيه الإسلام غريباً كما بدأ غريبا!
هم الذين لم يترك الحق لهم صاحبا .. أو أنيساً يجلسون إليه!
هم تلك الشجرة الطيبة التي تمتد جذورها في الأرض إلى أن تنتهي إلى عهد النبوة الأمجد!
هم تلك الشجرة الطيبة التي تأبى عليها جذورها الضاربة في الأعماق .. أن ترتوي إلا من معين الرعيل الأول!
هم الذين يمسّكون بكتاب الله حين يُترك، ويعملون بالسنة حين تُطفأ ..!
يحبون الحياة .. من أجل الجهاد!
ويحبون الموت .. من أجل لقاء الأحبة .. محمداً وصحبه!
هؤلاء طوبى لهم .. طوبى لهم .. طوبى لهم .. على لسان سيد الأنبياء والمرسلين ? .. لا يضرهم على أي وجه .. وفي أي بلدٍ .. ماتوا.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم :
" بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء "
الناس مشغولون بالفرار إلى الخلق، وهؤلاء يفرون إلى الله: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذريات:50].
الناس يعملون لأمور تافهة، وهؤلاء يعملون لإحياء سُنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويُعلمون الناس ... ولهذا كانوا غرباء بين الناس.
فأهل الإسلام في الناس غرباء، والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء، وأهل العلم في المؤمنين غرباء، وأهل السنة الذين يُميِّزونها من الأهواء والبدع فيهم غرباء، والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غُربة.
ومن هؤلاء الغرباء، ما رواه أنس في حديثه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ أشعث أغبر ذي طمرين لا يُؤبه له، لو أقسم على الله لأبرَّه"[10]، وفي حديث أبي هريرة: "رُبَّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرَّه"[11]
هؤلاء ملوك أهل الجنة كما جاء في الحديث: "ألا أخبركم عن ملوك أهل الجنة؟". قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: "كل ضعيف أغبر ذي طمرين لا يُؤبه له، لو أقسم على الله لأبرَّه"[12]. لا يؤبه له ... إن استأذن لم يُؤذَن له، وإن شفع لم يُشفَّع، وإن قيل لم يُسمَع، لأنه ليس من ذوي الجاه ولا المنزلة ولا أصحاب المناصب، إنه في الناس غريب ... كما قال الحسن: المؤمن في الدنيا كالغريب لا يجزع من ذُلِّها، ولا ينافس في عزِّها، للناس حال وله حال، الناس منه في راحة، وهو من نفسه في تعب