الفرق بين الصداقة والاخوة
سئل الحسن أيهمها أحب إليك قال أخى عندما يكون صديقى
تتفاوت الصداقة فإنها إذا قويت صارت أخوة
فإن ازدادت صارت محبة
فإن ازدادت صارت خلة
و الخليل أقرب من الحبيب
فالمحبة ما تتمكن من حبة القلب والخلة ما تتخلل سر القلب فكل خليل حبيب وليس كل حبيب خليلا
فضل الاخوة
( فأصبحتم بنعمته إخوانا) أي بالألفة
وقال أبو إدريس الخولاني لمعاذ إني أحبك في الله فقال له أبشر ثم أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ينصب لطائفة من الناس كراسي حول العرش يوم القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر
1. يفزع الناس وهم لا يفزعون
2. ويخاف الناس وهم لا يخافون
3. وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون فقيل من هؤلاء يا رسول الله فقال هم المتحابون في الله
يا عبادى لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون
كان الحسن يقول إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا لان أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة
القرابة تحتاج إلى مودة و المودة لا تحتاج إلى قرابة
وقال عمر رضي الله عنه إذا أصاب أحدكم ودا من أخيه فليتمسك به فقلما يصيب ذلك
و يقال ما تواخى اثنان في الله فتفرق بينهما إلا بذنب يرتكبه أحدهما
أن الأخوين في الله إذا كان أحدهما أعلى مقاما من الآخر رفع الآخر معه إلى مقامه
ما تحاب اثنان في الله إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه
وقال عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم
زينة في الرخاء وعدة في البلاء
اخوك شفيع لك
استكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة فلعلك تدخل في شفاعة أخيك وروى في غريب التفسير في قوله تعالى ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله قال يشفعهم في إخوانهم فيدخلهم الجنة معهم
وقال بعض السلف أعجز الناس من قصر في طلب الإخوان واعجز منه من ضيع من ظفر به منهم
أخوك أنيس لك
قال ابن المبارك ألذ الأشياء مجالسة الإخوان
ابن عمر انتم جلاء حزنى
وكان بشر يقول إذا قصر العبد في طاعة الله سلبه الله من يؤنسه
شروط الاخوة
علقمة العطاردى في وصيته لابنه حين حضرته الوفاة قال يا بني إذا عرضت لك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من
1. إذا خدمته صانك وإن صحبته زانك وإن قعدت بك مؤنة مانك
2. اصحب من إذا مددت يدك بخير مدها وإن رأى منك حسنة عدها وإن رأى سيئة سدها
3. اصحب من إذا سألته أعطاك وإن سكت ابتداك وإن نزلت بك نازلة واساك
4. اصحب من إذا قلت صدق قولك وإن حاولتما أمرا أمرك وإن تنازعتما آثرك \
و قال أخر لا تصحب إلا من
يتوب عنك إذا أذنبت
يعتذر إليك إذا أسأت
ويحمل مؤنة نفسك ويكفيك مؤنة نفسه
أنت سخى وكريم مع أخيك
و قال أبو سليمان الدارني لو أن الدنيا كلها لي فجعلتها في فم أخ من إخواني لاستقللتها له
و قال أيضا إني لألقم اللقمة أخا من إخواني فأجد طعمها في حلقي
قال علي رضي الله تعالى عنه لعشرون درهما أعطيها أخي في الله أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم على المساكين
وقال أيضا لأن أصنع صاعا من طعام وأجمع عليه إخواني في الله أحب إلى من أن أعتق رقبة
و قال علي بن الحسين رضي الله عنهما لرجل هل يدخل أحدكم يده في كم أخيه وكيسه فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه قال لا قال فلستم بإخوان
وأوصى بعض السلف ابنه فقال يا بني لا تصحب من الناس إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك وإن استغنيت عنه لم يطمع فيك وإن علت مرتبته لم يرتفع عليك
تؤثر أخاك على نفسك
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم غيضة مع بعض أصحابه فاجتنى منها سواكين أحدهما معوج و الآخر مستقيم إلى صاحبه فقال له يا رسول الله كنت والله أحق بالمستقيم مني فقال ما من صاحب يصحب صاحبا ولو ساعة من النهار إلا سئل عن صحبته هل أقام فيها حق الله أم أضاعه
تفقده وقضاء حاجته
وقضى ابن شبرمة حاجة لبعض إخوانه كبيرة فجاء بهدية فقال ما هذا قال لما أسديته الي فقال خذ مالك عافاك الله إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى
تفقدوا إخوانكم بعد ثلاث فإن كانوا مرضى فعودوهم أو مشاغيل فأعينوهم أو كانوا نسوا فذكروهم
حفظ السر وعدم المماراه والمجادلة
و قال العباس لابنه عبد الله أني أرى هذا الرجل يعني عمر رضي الله عنه يقدمك على الأشياخ فاحفظ عني خمسا :
لا تفشين له سرا
ولا تغتابن عنده أحدا
ولا تجرين عليه كذبا
ولا تعصين له أمرا
ولا يطلعن منك على خيانة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدا
الثناء عليه
ومن ذلك أن تثنى عليه بما تعرف من محاسن أحواله عند من يؤثر هو الثناء عنده فإن ذلك من أعظم الأسباب في جلب المحبة
وكذلك الثناء على أولاده وأهله وصنعته وفعله حتى على عقله وخلقه وهيئته وخطه وشعره وتصنيفه وجميع ما يفرح به
عدم الكلفة
و قد قيل من سقطت كلفته دامت ألفته من خفت مؤنته دامت مودته
وقال عمر رضي الله عنه لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا وهو أن تحب تلف صاحبك مع هلاكك
وقال على عليه السلام شر الأصدقاء من تكلف لك ومن أحوجك إلى مداراة وألجأك إلى اعتذار
وكان جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما يقول أثقل إخواني علي من يتكلف لي وأتحفظ منه وأخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي
الدعاء له بظهر الغيب
قال صلى الله عليه وسلم إذا دعا الرجل لأخيه في ظهر الغيب قال الملك ولك مثل
وكان محمد بن يوسف الأصفهاني يقول وأين مثل الأخ الصالح أهلك يقتسمون ميراثك ويتنعمون بما خلفت وهو منفرد بحزنك مهتم مما قدمت وما صرت إليه يدعو لك في ظلمة الليل وأنت تحت أطباق الثرى
الصبر على أخطاء وإلتماس الاعذار له
فقد قيل ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذرا فإن لم يقبله قلبك فرد اللوم على نفسك
وقال بعضهم الصبر على مضض الأخ خير من معاتبته و المعاتبة خير من القطيعة و القطيعة خير من الوقيعة
قال بعض الحكماء ظاهر العتاب خير من مكنون الحقد
أبغض الفعل ولا تبغض الاخ:
أشار أبو الدرداء لما قيل له إلا تبغض أخاك وقد فعل كذا فقال إنما أبغض عمله وإلا فهو أخي
قال الأحنف الإخاء جوهرة رقيقة إن لم تحرسها كانت معرضة للآفات
فاحرسها بالكظم حتى تعتذر إلى من ظلمك
وبالرضا حتى لا تستكثر من نفسك الفضل ولا من أخيك التقصير
وتمام الوفاء أن تكون شديد الجزع من المفارقة كما قيل :
وجدت مصيبات الزمان جميعها
سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
قال بعضهم :
من اقتضى من إخوانه ما لا يقضونه فقد ظلمهم
ومن اقتضى منهم مثل ما يقتضونه فقد أتعبهم
ومن لم يقتض فهو المتفضل عليهم
وقال بعض الحكماء :
من جعل نفسه عند الإخوان فوق قدره أثم وأثموا
ومن جعل نفسه في قدره تعب وأتعبهم
ومن جعلها دون قدره سلم وسلموا
قال أبو الدرداء إذا تغير أخوك و حال عما كان عليه فلا تدعه لأجل ذلك فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى
قال الحسن لا تشتر عداوة رجل بمودة ألف رجل أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك ما يغلبك
قال عليه السلام أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما
منه وروى إن ابن عمر كان يلتفت يمينا وشمالا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال أحببت رجلا فأنا أطلبه ولا أراه فقال إذا أحببت أحدا فسله عن اسمه واسم أبيه وعن منزله فإن كان مريضا عدته وإن كان مشغولا أعنته
النبي صلى الله عليه وسلم قال من ذكر عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فلم ينصره أذله الله بها في الدنيا والآخرة ومن ذكر عنده أخوه المسلم فنصره نصره الله
وكان في السلف من يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنة يقوم بحاجتهم ويتردد كل يوم إليهم ويمونهم من ماله فكانوا لا يفقدون من أبيهم إلا عينه بل كانوا يرون منه ما لم يروا من أبيهم في حياته