..إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ..ولما للأخلاق من أهمية نجدها في جانب العقيدة
حيث يربط الله سبحانه وتعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم -
بين الإيمان وحسن الخلق ،
ففي الحديث لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم :
أي المؤمنين أفضل إيمانا ؟ قال صلى الله عليه وسلم :
"أحسنهم أخلاقاً " [رواه الطبراني في الأوسط ] .
ثم إن الإسلام عدّ الإيمان برًّا، فقال تعالى :
( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ
وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " البر حسن الخلق " [ رواه مسلم ].
والبر صفة للعمل الأخلاقي أو هو اسم جامع لأنواع الخير.
وكما نجد الصلة بين الأخلاق والإيمان ،
نجدها كذلك بين الأخلاق والعبادة إذ إن العبادة روح أخلاقية
في جوهرها؛ لأنها أداء للواجبات الإلهية. ونجدها في المعاملات -
وهي الشق الثاني من الشريعة الإسلامية بصورة أكثر وضوحاً .
وهكذا نرى أن الإسلام قد ارتبطت جوانبه برباط أخلاقي ،
لتحقيق غاية أخلاقية، الأمر الذي يؤكد أن الأخلاق هي روح الإسلام
، وأن النظام التشريعي الإسلامي هو كيان مجسد لهذه الروح الأخلاقية .
الخلق نوعان1- خلق حسن : وهو الأدب والفضيلة، وتنتج عنه أقوال وأفعال جميلة عقلا وشرعاً .
2- خلق سيئ : وهو سوء الأدب والرذيلة، وتنتج عنه أقوال وأفعال قبيحة عقلا وشرعاً.
وحسن الخلق من أكثر الوسائل وأفضلها إيصالاً للمرء
للفوز بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
والظفر بقربه يوم القيامة حيث يقول :
" إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً" [ رواه الترمذي ] .
الأخلاق والممارسة الإيمانيةإن الأخلاق في الإسلام لا تقوم على نظريات مذهبية ،
ولا مصالح فردية ، ولا عوامل بيئية تتبدل وتتلون تبعا لها ،
وإنما هي فيض من ينبوع الإيمان يشع نورها داخل
النفس وخارجها ، فليست الأخلاق فضائل منفصلة ،
وإنما هي حلقات متصلة في سلسلة واحدة ، عقيدته أخلاق ،
وشريعته أخلاق ، لا يخرق المسلم إحداها إلا أحدث خرقا في إيمانه
.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني
حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها
وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن " [ رواه البخاري].
وسئل صلى الله عليه وسلم : أيكذب المؤمن ؟ قال:
(لا) ثم تلا قوله تعالى :
(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) (النحل:105) .
فالأخلاق دليل الإسلام وترجمته العملية ، وكلما كان الإيمان قوياً أثمر خلقا قوياً.
دوام الأخلاق وثباتهاكما أن الأخلاق في الإسلام ليست لونا من الترف
يمكن الاستغناء عنه عند اختلاف البيئة ، وليست ثوبًا
يرتديه الإنسان لموقف ثم ينزعه متى يشاء ،
بل إنها ثوابت شأنها شأن الأفلاك والمدارات التي
تتحرك فيها الكواكب لا تتغير بتغير الزمان لأنها الفطرة
(فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ)