شكلت هذه الجلسة من :
القاضي : وهو الضمير المتواجد في مساحة الألم بداخلنا ..
المحكمة : هي نقدنا على كل شئ نراه خارج نطاق المعقول والمعلوم دون مبرر مقنع ..
الدفاع عن المجني عليها : محامي مميز..
النيابة : قلوبنا ..
الدفاع الموكل عن الجاني : وهو قلمه ..الجاني
المجني عليها : الوردة الحمراء ..
الشهود : الذين قرؤوا اعتراف الجاني ..
الجلسة الأولى
مــــــحــــكـــمـــــة ..
والكل وقوف ..
القاضي : تفضلوا بالجلوس ..
قضية رقم واحد (اعدام وردة حمراء ) ...
الدفاع عن المجني عليها فليتفضل ..
سيدي القاضي .. تفضل هذا ملف القضية والذي بداخله اعتراف الجاني على موكلتي ..
إنما قدمه الجاني في حق موكلتي ( وردة حمراء ) من أسباب لا أراها أبداً مبرراً لارتكاب جريمته ..
ولو بنسبة واحد في المئة وكما ذكر في التحقيق مع الجاني في ملف اعدام وردة حمراء الذي كان فيه اعترافه
خطيا بارتكاب الجريمة ..
وبعد دراسة تفاصيل الملف ، لا أجد أبدا أي سبب لإرتكابه هذه الجريمة .. وعلى ضوء تفاصيل تلك الجريمة
المبنية على اعتراف الجاني خطياً أنه عندما أراد أن يقطف موكلتي ، إذ بشوكة تدخل في صميم إصبع يده اليمنى ..
حتى سال الدم ، وتجمع غضب الدنيا في عينيه ، فقام بسحق المجني عليها موكلتي ( الوردة الحمراء ) دون رحمه
وبلا مبالاة بقدسية المحبة ..
سيدي القاضي إن في هذه السطرين من اعتراف الجاني أريد إيضاح نقطتين ..؟
أولهما : أن كل الورد يحمل شوكاً ولكنا نعرف هذا .. وكما قال المثل العربي الشهير ( قبل الورد شوك)
ثانيهما : أن الجاني قرر وفجأة قطف موكلتي دون أي مقدمات ودون أي حوار معها .. فقط قرر قطفها ..وهكذا كان يريد ..
ما إن أعجبته أراد امتلاكها قبل امتلاك أحاسيسها . متجاهلاً أن الورد مخلوق في غاية الأحاسيس والرقة ، مخلوقة له معنى وجداني ..
سيدي القاضي ... إن الورد إن لم يجد من يسقيه يموت .. فكيف لها أن تؤذي أحد
..إن لم نسقيها نحن سقتها السماء بقطراتها .. وتطعمها بقطراتٍ لحساسيتها ورقتها ..
إن الجاني .. قد تهور مندفعا نحوها .. مما جعله لا يرى الشوك حولها .. فما ذنب موكلتي ..؟
أتؤخذ بذنبه ؟ وما ذنبها إن أعجب بها ؟؟؟ وما ذنبها إن كانت جذابة ؟؟؟ وما ذنبها إن الكل طامعاً بها ؟؟؟
إن موكلتي لم تتباها بجمالها ابدأً ..!! حتى تطمع الآخرين فيها بل بالعكس كانت على طبيعتها ..
حتى أنك لا تسمع صوت تنفسها ... لم تضف شيئاً على جمالها أبداً .. إن ما قام به الجاني كان عملا مفجع ...!
ألم يكن من الأفضل له أنه يحاورها ؟؟؟
فليس هناك ترفض أن تقطف ..!! ولكن اليد التي امتدت إليها كانت يد لا تعرف الرقة ..
مما جعلها ترفض وبشدة أن تسمح بقطفها ..
سيدي القاضي .. إن أردنا اصطياد طيراً هل سنصيدها ببندقية الصيد .. أم بمدفعية الهاون ..!!!
سيدي القاضي إن الجاني قد أفرط في تعديه على موكلتي ..
أني أريد من حضرتكم النظر إليها كوردة حمراء لا أكثر ..
وماذا تحمل الوردة !! هل تحمل العداوة أم تحمل المحبة ..
شكراً سيدي القاضي ..
القاضي : النيابة تتفضل للمرافعة ..
النيابة : لا تعليق ..!!!!!!! فهي جريمة واضحة تفاصيلها .. ومن ثقلها ألزمتنا الصمت ..
القاضي : دفاع المتهم فليتفضل بالمرافعة ..
دفاع المجني عليها : سيدي القاضي لم يأتي دفاع الجاني إلى الجلسة ولا الجاني أيضاً ..
وأني ألتمس من عدالتكم إن لم يحضر دفاع الجاني والجاني بالجلسة القادمة ..
أن تصدرون عليه الحكم غيابياً .. بما بين يديكم من إثباتات وأدلة تثبت لعدالتكم ذنب المجني ..
وأني أخاطب القلوب والشهود الذين رأوا اعتراف الجاني خطياً .. أن يضعوا في عين الاعتبار أنها مجرد لا أكثر
ومعنى للرقة والإحساس وهي لغة كل حوار في كل اللغات ...
الجلسة الثانية
الجاني : السلام عليكم ...
سيدي القاضي .. والحضور الكرام .. ويا من يترفع في قضية لا تمت له بصلة ..
نعم أنا أعدمت تلك الوردة الحمراء ..
وقطعت أوراقها ..
ونثرت أشلاءها لا أنكر هذا أبدا ..
سيدي القاضي ..
بأخذ عين الاعتبار أنها في حديقتي الخاصة وداخل سياج مساحتي ..
أنا أعشق الورود الحمراء فأنا من أسقيها وأنا من أطعمها ..
وأنا من أكسبها لونها الأحمر فكم ممن قد كسوتها من روحي ..
وكم من قد أعطيتها من مشاعري شذا لتتعطر به ..
وكم من لامستها بإحساسي المرهف .. وهاهي الآن قد تفتحت ..
الأخوة الحضور ..
الورد معروف أنه كائن لطيف وحساس مثل ما ذكر موكل الوردة ..
بل أزيد عليه وأيده أنها في غاية الرقة والخجل والإحساس ..
الورد ينمو بالإحساس الحنون وينمو بالصدق والإخلاص ..
كم في حديقتي من آلاف الورود لم يمتن ..!! رغم الزمن
بل انهني قدمت لي الشذى كل صباح وأتمتع بالنظر إلى تفتحهن ..
وألامس مشاعر أوراقهن وأحس برقتها ..
لماذا لم تأتيني أشواك ؟؟
ولماذا لم أجرح .. من قبل ؟؟
بل في الكثير كنت أجرح نفسي ولا أن أجرح
أنا لا أستطيع أن أقتل وردة وانأ أعيش بقلبي ..
وأنا في كامل وعيي دون أن تسلب مني إرادتي ..
دون أن تقتل مشاعري ..
وتغتال الطيبة ما ذنبي أنا ......؟؟؟
أنا عندما فعلت ذلك
كان بتأثير السم من أشواكها
نعم فقد سرى السم السريع في جسدي ..
إنه سم الغدر ..
كخنجر يخترق القلب
ويأتي من الخلف من حيث لا نعلم ولا نتوقع ..
من أقرب من يكونوا إلينا ..
فيقطع وتر الإحساس في القلب
فكيف لي بأن أعزف ألحاني بدون هذا الوتر
كيف لي بأن أشعر بمعاني الرحمة والحب والشفقة ..
أو حتى الإحساس ككل بدون ذلك الوتر ..
فهي من قطعته ..
ثم يلومني موكلها أني بلا رحمة ولا شفقة كما يقول ..
سيدي القاضي .. هي أخذت الرحمة .. والإحساس
أنا فقط عندما اقتربت بشوقٍ منها حاولت
أن أمنعها شر نفسها ..
حاولت أن أمسح عليها بشوق وبإحساس مرهف
فأنا قد ألامتني جراحي منذ زمن بعيد
وهاهي جروحي على جسدي وبداخل قلبي ..
ولكن لم أذق طعم الجرح بهذه القوة والسرعة
بينما أنا أحنو عليها قد مات الإحساس
إذا هذه جريمة (( والبادي أظلم ))
وعندما مات وسرت جيوش السم تقتل ما بقي في عروقي من دم الحب والوفاء
تمثلت لي الحنية والعطف وكل معنى للمحبة
في قطفها وإعدامها ...
ولكن عندما شاهدت منظر الدماء
وتناثر الأشلاء ..
رغم قوة السم .. ولكن يبقى الطيب منبعا بداخلي ..
فقد تحالفت قوى المشاعر الطيب بداخلي ..
وحاولت الانتقام ..
وربطت ذلك الوتر وعزفت عليه ..
وهنا أنا عانيت أشد المعاناة والتوبيخ ..
من نفسي من ضميري من قلبي ..
هطلت أمطار وكونت سيول من دمعي ..
ودمائي قد نفذت من مجرى عروقي ..
أصبحت طريح الفراش ألملم جرحي ..
وأنظر لتلك الوردة تارة بعين الرضى ..
والأخرى بعين الجحيم ..
حتى نفذ سمها من جسدي ..
وجمعت ما تبقى منها وأعدتها في مقبرة قلبي ..
لتبقى في ذكرياتي ..
فهي الآن في مقبرة قلبي ..
تحاسب على ذنبها !!
هل يا ترى سيعود ذلك الوتر قوي كما كان ؟؟
هل يا ترى ستعود المشاعر بعد موتها ؟؟
كل هذه التساؤلات أوجهها لموكل الوردة ؟؟؟
سيدي القاضي ...
إن ما فعلته ليست جريمة نكراء !!
نعم ولما العجب ؟؟؟!!
لان إذا لم افعل أنا فسيظل الشر كامناً
في هذه الوردة ويأتي يوما وتتحول إلى شوكاً بلا رحمة
لان من يدخل الشر إلى قلبه ويسكنه
لا أمل له في الحياة ..
إلا إذا قطع وريده لينزف كل السم وفي الأخير سيموت .. ولكن سيكون شهيداً
فقد ضحى بكل ما يملك من أجل إسعاد غيره ...
من أجل أن يرى البسمة على الورود ..
فبدون الورود الحمراء في حيات البشر
لما كان هناك حب ..
ولكن إذا كان هناك أشواك بداخل الورود فسيظل ينتقل من هنا وهناك
وفي تلك الوردة وتلك
حتى يعم الشر ..
فـ لنقطف الشر من بداية طريقه ..
ولعلي أوضحت في هذا ملف لي سابق
حيث كان سم الغدر يسري بداخلي ويحاول أن يمحو معالمي
ويزرع الشوك بداخلي ..
اقتباس :
يأتي ذلك الشر الدفين ..
ويختبئ وسط أوراق الزهور ..
ليحولها إلى أشواكٍ وشرور ..
بل لا يكتفي بهذا ..
سيجوب العالم ويختبئ فيه ..
في البحر وعذب الماء ..
في كل موطن يؤمن بالحب والأصدقاء ..
في كل قرية آمنة بالعشق والوفاء ..
في مدينة الغرام العظيمة بالإخاء ..
ثم أخيرا في سماء الهيام واللقاء ..
إن الورود التي أتحدث عنها هي المشاعر ولأحاسيس
وكل مايمت للإنسان بصلة مع مجموعة عواطفة
والآن ياسيدي القاضي ..
قد تحدثت أنا عن موكلي (( الجاني )) في نظركم
وإن موكلي طريح الفراش يعاني ولا يستطيع الحضور !!
من أراد أن يدلي بشهادته ؟
فــ ليتواجد معنا هنا بــ أحلى الردوووود..