إن الصبر على الأذى في سبيل الله :
• هو علامة حب لله واخلاص له وتفان في مرضاته .
• وإن ثمار الصبر يانعة حلوة عذبة في مذاق المخلصين .
و إن الصبر على الأذى في سبيل الله ليصنع ما لا تصنعه الجيوش
الجرارة ولا الأموال الطائلة وإن مشهد الصابر على الأذى في سبيل الله ليقتحم القلوب
ويحول الأعداء إلى أحبة. مثال: ( صبر فاطمة بنت الخطاب أمام أخيها عمر بن الخطاب
قبل إسلامه و تحملها لأذاه و صرها على التمسك بدينها و تحديها له ).
كما أن صبر الرسل حقق انتصارات هائلة لأديانهم (
عيسى عليه السلام ). أما نفاد الصبر فقد أودى بيونس عليه السلام إلى بطن الحوت.
أما موسى عليه السلام فلم يستطيع صبراً على ما لم يحط به خبراً عندما اتبع الخضر عليه السلام
فكانت نتيجته إلى الفراق (( هذا فراق بيني و بينك سأنبؤك بما لم تسطع عليه صبراً )).
أما القائد المنهزم فقد أخذ درساً من نملة تحمل حبة في قصرة على الوصول بها إلى قمة الجدار
فكلما سقطت منها عادت إليها و ارتفعت بها إلى أن تمكنت أخيراً من دخول مسكنها فقال
القائد المنهزم: أأكون أقل صبراً على تحقيق أهدافي من هذه النملة.
فنظم جيشه ثم عاد للقتال بعزيمة جديدة و انتصر على عدوه.
نحن الآن أيها الأخوة والأخوات مع نموذج فريد في الصبر
على الأذى في سبيل الله وممن لا نتوقع منه الصبر من غلام نتوقع منه اللهو واللعب والعبث
ولكنه تربى في مدرسة النبوة فكان فريداً كما كان أصحاب الكهف الفتية
إذ صبروا على هجر متاع الدنيا فآواهم الله إلى ظل رحمة و رعاية
(( فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته و يهيء لكم من أمركم مرفقاً
و إليكم الحديث الشريف و لنقف بكل إجلال أمام صبر الغلام و نتمنى أن يكون كالغلام.
حدثنا هداب بن خالد حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال :{كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك إني قد كبرت
فابعث إلي غلاما أعلمه السحر فبعث إليه غلاما يعلمه فكان في طريقه
إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر
مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك
إلى الراهب فقال إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا
خشيت أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة
عظيمة قد حبست الناس فقال اليوم أعلم آلساحر أفضل أم الراهب أفضل
فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه
الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب
أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي
وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمي
فأتاه بهدايا كثيرة فقال ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله فإن أنت آمنت
بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان
يجلس فقال له الملك من رد عليك بصرك قال ربي قال ولك رب غيري
قال ربي وربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك
أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص
وتفعل وتفعل فقال إني لا أشفي أحدا إنما يشفي
الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب
فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمئشار فوضع المئشار في مفرق
رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى
فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع
عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل
فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال اللهم اكفنيهم بما شئت
فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم الله فدفعه
إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به فاحملوه في قرقور(قيل معناها السفينه الصغيره) فتوسطوا
به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت
بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال
كفانيهم الله فقال للملك إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال
وما هو قال تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على
جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل
باسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس
في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم
في كبد القوس ثم قال باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع
يده في صدغه في موضع السهم فمات فقال الناس آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام آمنا برب
الغلام فأتي الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس فأمر بالأخدود
في أفواه السكك فخدت وأضرم النيران وقال من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها
( اطرحوه) أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست
(توقفت) أن تقع فيها فقال لها الغلام يا أمه اصبري فإنك على الحق }
كتاب الزهد و الرقائق – حديث رقم 3005.
يرسم الحديث الشريف لنا مشاهد في القمة.
قمة الصبر على الطاعة و العجب أن تكون من غلام لترينا
كيف يفعل الإيمان بالنفوس و حبذاً لو فطن إلى
ذلك المخرجون المسلمون ليبرزوا لنا ذلك على شاشة الرائي.