كل منا يطمح في هذه الأيام باقتناء ما يتصف بثلاثي الأبعاد
سواء كانت شاشات تلفزيونية أو أجهزة كمبيوتر أو كاميرات ...الخ
لنرى الصور والمشاهد بشكل أوضح وأدق وأفضل
من محدوديتها كما كانت سابقاً ولذا اهتم المخترعون
بإضافة العمق كبُعد ثالث مع الطول والعرض للصور بالأجهزة الالكترونية
وهكذا يظل الإنسان طامعاً للمزيد من الوضوح والدقة فيما يرى لكن تغافل عن أشياء أهم
من جميع ما لديه من تقنيات تحتاج لان نضيف إليها البعد الثلاثي وهي الحياة بما تحتوي
وترك تمسكنا بأنظمة رؤيتنا القاصرة لإطرافها فقط التي تؤدي بنا إلى محدودية التفاؤل وقِصر البصيرة
حياتنا لو أضفنا لنظرتنا إليها بُعد التعمق بها دون الاقتصار على مظاهرها والاستسلام لظروفها
لما تكاثر المهمومين وتضاعف عدد المحبطين وصاح الكثير أريد النهاية!
لابد على كل فرد منا أن يتعمق في الحياة بآفاقها ومعالم الجمال فيها وبمواطن نِعم الله
نرى ذلك ببصيرة القلب لا بصر الأعين لتتضح له رؤيتها كما ينبغي فلا يقنط ولا ييأس
,إن إصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر وتفاءل خيرا ووثق بخالقه بأنه أراد له الحسنى فيما أصابه
وأنه لم يبتليه إلا بشي جفت الأقلام ورفعت الصحف بعد كتابته عليه فهو مقدر ومكتوب عليه منذ ابتداء نطفته في الأرحام
التعمق بالحياة والنظر إلى أمورها من جميع الزوايا ننظر لها بثلاثية العقل والقلب والروح
ثم عقد العزم والإصرار بإرادة قوية نستمدها من الأمل الذي يلحق كل آلم وتفقد أحوال من أكثر منا
ألم وتوجع حتماً سيجعل حياتنا ذات معانٍ أخرى غفلت بصيرتنا عنها في دهاليز ظلام المصائب
والتشاؤم باستحالة زوالها وستدفعنا لنخوض معارك الحياة بقوة لم نعهدها سابقا في أنفسنا ولهذا
لابد أن نجدد الأنظمة الإنسانية بدواخلنا حتى نحيا حياة مطمئنة هادئة مهما صدمتها أمواج البلايا
تضطرب في فترتها فقط ثم تعود لهدوئها مرة أخرى لأنها بنيت على أسس صحيحة تجعل من كل صدمة قوة
لتكمل حياتها فلا يأس مع الحياة ولنصنع لنا رؤية واضحة المعالم لنتخطى بها آلام الحياة
و لا ننسى قول الله سبحانه:
(لقد خلقنا الإنسان في كبد)
أي يظل الإنسان يكابد ظروف الحياة منذ ولادته إلى أن يستقر به الأمر
في نعيم أو جحيم الأخرة جزاء لما قدم وصبر
ولهذا لا ينبغي أن نتقوقع داخل الحزن لأي ابتلاء يصيبنا في الحياة فهي دار ممر لا مستقر وعلينا التزود
بما يضمن لنا حياة كاملة السعادة والهناء بالآخرة بمكابدة شقاء حياة زائلة لا محالة ,ولنتمتع بنعم الله علينا
بما يرضيه ولنعلم يقينا لولا مرارة الحياة لما عرفنا وتذوقنا حلاوتها ولنزيد من التعمق أكثر
بتفاصيل الحياة لنرى قدرة الله في خلقه وان من خلق السموات والأرض
ومن فيهم قادر أن يقول لأمورنا كن فيكون
لكن ما ابتلانا إلا لحكمة يعلمها سبحانه .