ملاك الروح
موقف السيدة خديجة من الوحي 1300093263431
ملاك الروح
موقف السيدة خديجة من الوحي 1300093263431
ملاك الروح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملاك الروح

۩۞۩ منتدى الغربة والمغتربين ۩۞۩
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
تنبيه هام ... ♥ يمنع منعاً باتاً تسجيل أسماء الأعضاء الجدد بغير اللغة العربية . واذا سجلت بغير اللغة العربية ستقوم الادارة بتغيير الاسم دون الرجوع إليك !!! ♥ ... مع تحيات إدارة المنتدى
مرحبا يا موقف السيدة خديجة من الوحي 060111020601hjn4r686 احمد مصلح موقف السيدة خديجة من الوحي 060111020601hjn4r686 نشكر لك إنضمامك الى أسرة منتدى ملاك الروح ونتمنى لك المتعة والفائدة

 

 موقف السيدة خديجة من الوحي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
همسات الروح
المشرفة العامة
المشرفة العامة
همسات الروح


انثى
مصر
موقف السيدة خديجة من الوحي Uta62976
موقف السيدة خديجة من الوحي 0a3f474363f5
موقف السيدة خديجة من الوحي IA5oX
موقف السيدة خديجة من الوحي 9lx00983
موقف السيدة خديجة من الوحي 1330454809811
موقف السيدة خديجة من الوحي UfdK1
موقف السيدة خديجة من الوحي Fmfire10
المزاج؟ : متقلبة
المهنة : غير معروف
عدد المساهمات : 5245
تاريخ التسجيل : 30/01/2013
العمر : 54
الموقع : ملاك الروح

موقف السيدة خديجة من الوحي Empty
مُساهمةموضوع: موقف السيدة خديجة من الوحي   موقف السيدة خديجة من الوحي Uouoo102016-12-11, 5:00 pm

موقف السيدة خديجة من الوحي %D9%88%D8%AD%D9%8A

عودته صلى الله عليه وسلم إلى خديجة:
عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته وهو خائف للغاية، فكان أول ما فعله أن جلس إلى جوار خديجة بنت خويلد رضي الله عنها؛ بل إنه اقترب بها ليسكن فؤاده، كما تقول الرواية: "فَجَلَسْتُ إلَى فَخِذِهَا مُضِيفًا إلَيْهَا". أي ملتصقًا بها يطلب الأمان صلى الله عليه وسلم، وحكى لها كل شيء، مع خطورة الحدث الذي مرَّ به. حكى لها تفصيلات الرؤيا، وحكى لها كذلك ما رآه من جبريل وهو يقف في السماء، وحكى لها أنه قد صرح له أنه رسول الله، وعرَّف نفسه أنه جبريل.

ويلفت النظر هنا أمران؛ وأنا أعتقد أن هذين الأمرين هما من أهم أعمدة الأسرة الناجحة، ومن أهم موجبات السعادة الزوجية:

أما الأمر الأول فهو أن الزوجة خديجة رضي الله عنها تحقق أهم أعمال المرأة قاطبة، وهي أن تكون سكنًا لزوجها، وراحة لقلبه، وأمانًا لكيانه، وخاصة عند الأزمات الكبرى، وقد ذكر ربنا عز وجل هذا الأمر في كتابه الكريم عندما قال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]. فجعل مهمَّة الزوجة الأولى أن تُسَكِّن زوجها {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}، وكرر سبحانه المعنى نفسه في سورة الأعراف عندما قال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189].

ففي هاتين الآيتين ذكر الله عز وجل أن مهمَّة الزوجة الأولى هي تسكين الزوج؛ خاصة أن الأزواج يعملون في خارج البيوت، وتقابلهم الأزمات الكثيرة، ويعملون في الجهاد في سبيل الله، وكذلك في الدعوة إلى الله عز وجل، ويكتسبون المعاش، ويمرُّون بأمور صعبة كثيرة، فيحتاجون إلى تسكين الأفئدة حتى يستطيعوا بعد ذلك إكمال مشوارهم في الحياة بشكل طبيعي وهادئ، والموقف الذي بين أيدينا في السيرة الآن هو حالة مثالية لتوصيف هذا الأمر؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو في هذه الحالة المرتعبة لم يُفَكِّر في أن يذهب إلى أحد أصدقائه، كأبي بكر رضي الله عنه أو غيره من أصحابه في مكة، وهم كُثُر -لا شك- ولم يُفَكِّر في أن يذهب إلى حكيم من حكماء القوم يستفسر منه عن طبيعة هذا الأمر، ولم يذهب حتى إلى عمِّه أبي طالب الذي ربَّاه وآواه، أو عمِّه أبي لهب، أو غيرهما من أعمامه، إنما ذهب في الحقيقة لمن "يُسَكِّن" له خوفه، فهذا من أكبر أسباب تكوين الأسرة الناجحة؛ أن تكون المرأة سكنًا لزوجها في البيت.

وأما الأمر الثاني فهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -كزوج- يُخبر زوجته بهمومه ومشكلاته كلها، ولا يعزلها عن حياته، بل يحكي لها أدقَّ التفصيلات، ويأخذ رأيها، ويستعين بمشورتها، ويستجيب لتأييدها، ويُشاركها في كل همومه وأفكاره وطموحاته وآماله، وهذا مما يسهم -ولا شك- في سعادة البيت، وفي قوة الأسرة، وأنا أعتقد أنه لو تحقق هذان الأمران لسعدت البيوت كثيرًا.

رد فعل خديجة رضي الله عنها:
نعود إلى موقف رسولنا صلى الله عليه وسلم بعد أن حكى لزوجته كل شيء عن الرؤيا والملك، والتصريح أنه رسول الله، لننظر ماذا فعلت خديجة رضي الله عنها بعد أن سمعت هذه الكلمات العجيبة.

الحقُّ أن ردَّ فعل خديجة رضي الله عنها كان عجيبًا جدًّا، فقد قالت له بمنتهى الثبات: "أَبْشِرْ يَا ابْنَ عَمِّ وَاثْبُتْ فَوَالَّذِي نَفْسُ خَدِيجَةَ بِيَدِهِ! إنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الأُمَّةِ"[1].

جميلٌ أن تُبَشِّره في موقف يحزن فيه، وجميلٌ أن تُثبِّته في موقف يضطرب فيه، لكن الأجمل والأعجب ما قالته: "إنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الأُمَّةِ"! والواقع أننا نُريد أن نقف مع هذه الكلمة وقفات؛ فهذا يدلُّ على أن خديجة رضي الله عنها كانت تعرف أن هناك رسولاً سيُبعث في هذه الأيام، وكانت -لا شك- تتمنَّى أن يكون هذا الرسول هو زوجها، وهذا واضح في كلمتها: "إنِّي لأَرْجُو". بل إنها على الأغلب كانت تشعر أن زوجها سيكون هذا الرسول؛ فالأمر عندها ليس مجرَّد أمنيات، ولكنه شيء مبني على أدلَّة ووقائع.

الذي يدعونا لهذا التوقُّع من خديجة رضي الله عنها أن هناك خلفيات لهذا الأمر؛ منها ما رواه ابن إسحاق في المبتدأ[2]، ونقله عنه ابن سعد وغيره، عندما قال: "كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه في المسجد، فاجتمعن يومًا فيه، فجاءهن يهودي فقال: يا معشر نساء قريش إنه يوشك أن يكون فيكن نبي، فأيكن استطاعت أن تكون فِراشًا له فلتفعل. فحصبه النساء وقبَّحنه وأغلظن له، وأغضت (سكتت) خديجة على قوله، ولم تعرض فيما عرض فيه النساء، ووقر ذلك في نفسها، فلما أخبرها ميسرة بما رآه من الآيات، وما رأته هي، قالت: إن كان ما قاله اليهودي حقًّا ما ذلك إلا هذا"[3].

فهذه الرواية تذكر فيها خديجة رضي الله عنه أنه قد جاءهم يهودي في شبابها، وأنبأهم أنه سيبعث في هذا المكان نبي، وأن التي ستتزوَّج هذا النبي سيكون لها شرف هذا الزواج وعظمته، والحق أن الرواية -وإن كانت ضعيفة السند- فإنه لا يُستبعد أن تكون صحيحة؛ لأننا نعلم من روايات صحيحة أن اليهود كانوا يعرفون أن مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم سيكون في مكة. فعن كعب قال: نَجِدُهُ مَكْتُوبًا في التوراة: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ فَظًّا وَلاَ غَلِيظًا، وَلاَ صَخَّابًا (الصخب الصياح والجلبة وشدة الصوت واختلاطه) بِالأَسْوَاقِ، وَلاَ يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَأُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ يُكَبِّرُونَ اللهَ عز وجل عَلَى كُلِّ نَجْدٍ، وَيَحْمَدُونَهُ فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ، يَتَأَزَّرُونَ عَلَى أَنْصَافِهِمْ، وَيَتَوَضَّئُونَ عَلَى أَطْرَافِهِمْ، مُنَادِيهِمْ يُنَادِي فِي جَوِّ السَّمَاءِ، صَفُّهُمْ فِي الْقِتَالِ، وَصَفُّهُمْ فِي الصَّلاَةِ سَوَاءٌ، لَهُمْ بِاللَّيْلِ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَمُهَاجَرُهُ بِطَيْبَةَ، وَمُلْكُهُ بِالشَّامِ"[4].

فسواء كانت قصة اليهودي صحيحة أو غير صحيحة، فمعنى ذلك أن اليهود كانوا يعرفون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيظهر في مكة المكرمة، وبالتالي قد يكون أحد اليهود قد أخبر بالفعل نساء مكة بهذا الأمر، وكانت خديجة رضي الله عنها متوقِّعَة هذا الظهور.

وقد أشارت الرواية –أيضًا- إلى شيء آخر؛ هو ما تعلَّق بأمر ميسرة غلام خديجة رضي الله عنها، مع العلم أن قصته كذلك ليست ثابتة في الصحيح، ولكنها اشتهرت في كتب السيرة [5] ولعلَّ لها خلفية ما، وخاصة أن هناك علاماتٍ كثيرةً كانت مع رسولنا صلى الله عليه وسلم في فترة شبابه تُشير إلى أنه ليس إنسانًا عاديًّا كبقية الناس. ويمكن أن نُضيف إلى ذلك احتمال سماع خديجة رضي الله عنها من ابن عمِّها ورقة شيئًا يدلُّ على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم من المحتمل أن يكون بعد ذلك رسول الله، ويُؤيد ذلك رواية أحمد، التي مرَّت بنا قبل ذلك، وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها: "إِنِّي أَرَى ضَوْءًا، وَأَسْمَعُ صَوْتًا، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ بِي جَنَنٌ". قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ يَا ابْنَ عَبْدِ اللهِ. ثُمَّ أَتَتْ ورقة بن نوفل، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إِنْ يَكُ صَادِقًا، فَإِنَّ هَذَا نَامُوسٌ مِثْلُ نَامُوسِ مُوسَى، فَإِنْ بُعِثَ وَأَنَا حَيُّ، فَسَأُعَزِّرُهُ، وَأَنْصُرُهُ، وَأُومِنُ بِهِ[6].

فهذه الرواية تصف موقفًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء شبابه قبل موضوع الرؤيا الصادقة، وقبل موضوع الوحي؛ فهي تحكي موقفًا مبكِّرًا سمعت فيه خديجة رضي الله عنها أنه من المحتمل أن يكون الذي يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمعه هو علامات مثل علامات ظهور جبريل للأنبياء.

هذه كلها خلفيات كانت في ذهنها، وأنا أعتقد أنها فعلاً كانت تتوقَّع ظهور النبي؛ لأنها تتعامل مع الموقف بسلاسة عجيبة، ولم تقل له مثلاً: وماذا يعني: "رسول الله؟". ولم تقل له: وهل يُرسل الله رسولاً من البشر للناس؟ ولم تقل له: ومن هو جبريل؟ ولم تضع احتمالاً أن يكون الأمر مجرَّد أوهام، ولم تفزع قطُّ، مع أن كل هذه علامات عجيبة، نعم خديجة رضي الله عنها امرأة كاملة، وسيدة عظيمة، لكن هذه القضايا التي يتكلَّم فيها الرسول صلى الله عليه وسلم قضايا علمية، تحتاج إلى دليل، أو إلى توقُّع، حتى يمكن أن تُفْهَم على الشكل السليم.

إن كونها لم تسأل كل هذه الأسئلة، ولم تستفسر استفسارًا يُوَضِّح لها الفهم الصحيح للقصة، كل هذا يدلُّ على أن عندها خلفية ما عن هذا الأمر، وتوقُّع له؛ ومن ثَمَّ انطلقت بمنتهى الوضوح تقول: "إنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الأُمَّةِ".

والدليل الأكبر لكونها كانت تتوقَّع أن يظهر نبي في هذا الزمن، هو ذهابها بعد ذلك إلى ورقة بالتحديد، فغالبًا ورقة هو الذي كان يتحدَّث عن هذا النبي، وقساوسة الشام النصارى كانوا يعرفون أن النبي سيظهر في هذا الوقت، وظهر ذلك في كلام القسيس الذي تكلم معه سلمان الفارسي رضي الله عنه قبل ذلك، فهذا يعني أنه كان مشتهرًا بين رجال الدين النصارى -وكان ورقة منهم- أن هناك نبيًّا سيظهر في هذا التوقيت.

ثم إنها رضي الله عنها سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فترة طفولته وشبابه بعض الأحداث، التي لا تحدث مع البشر العاديين؛ كشقِّ الصدر، وكسلام الحجر عليه، وكندائه من قبل السماء غير مرَّة، مما يُعطي الانطباع أنه ليس كعامة أهل مكة، بل ليس كعامة الناس أجمعين.

وأيضًا رأت رضي الله عنها من أخلاقه ما لا يتحلَّى به إنسان آخر أبدًا، ولقد وصفت الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يصل الرحم ويحمل الكل .. إلى آخر وصفها، الذي يدلُّ على أن هذه الصفات مجتمعة لم تكن موجودة في أحد الرجال في أهل مكة.

إن سرعة إيمان خديجة بما سمعته يُؤَكِّد أنها كانت تتوقَّع الأمر؛ لأنها لم تسأل عن تفصيلات قطُّ، مع أنها لم ترَ حتى هذه اللحظة معجزاتٍ بعدُ تجعلها تطمئنُّ، يُظَلِّل كل ذلك أنها تتعامل مع الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، الذي لم يكذب في حياته قط؛ ومن ثَمَّ كان كلامه لا يحتاج إلى أي دليل آخر لإثباته.

ذهاب خديجة رضي الله عنها إلى ورقة بمفردها:
ذهبت خديجة رضي الله عنها إلى ورقة بن نوفل، فأخبرته خديجة رضي الله عنها بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ورقة بن نوفل دون تردد: "قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، وَالَّذِي نَفْسُ وَرَقَةَ بِيَدِهِ! لَئِنْ كُنْتِ صَدَّقْتِينِي يَا خَدِيجَةُ لَقَدْ جَاءَهُ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى، وَإِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ فَقَوْلِي لَهُ فَلْيَثْبُتْ"[7 ]. كان ردُّ فعل ورقة حاسمًا وواضحًا، ولم يتردَّد في إبداء رأيه في أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو رسول هذه الأُمَّة.

ولنا ملاحظات على ردِّ فعل ورقة بن نوفل:
أولاً: لم يقل ورقة: لئن كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم قد صدق. إنما قال: لئن كنتِ صدقتيني يا خديجة. لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم عنده فوق الشبهات، مع أن الذي يرويه محمد صلى الله عليه وسلم ابتداءً أعجب من الذي تنقله خديجة؛ لكنه لم يشك في الكلام العجيب لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ إنما شكَّ في أن يكون النقل عنه غير دقيق، وهذا يُذَكِّرنا بالموقف المشهور للصديق رضي الله عنه في الإسراء عندما قال: "لئن كان قال ذلك لقد صدق"[8].

ثانيًا: يذكر ورقة أن محمدًا صلى الله عليه وسلم سيكون نبي هذه الأمَّة، والأمَّة في تعريف ورقة قد يكون المقصود بها العرب؛ لما قد يكون موجودًا في التوراة والإنجيل من دلالات وعلامات للنبي المنتظر، وفي أنه يخرج في هذه الأُمَّة العربية، وقد يكون المقصود بالأمَّة العالم أجمع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى العالمين، والعالم جميعًا أمَّته؛ إما أمَّة إجابة، وهي التي استجابت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أي المسلمين، وإما أمَّة دعوة، وهم الذين لم يستجيبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتوجَّه إليهم دومًا بالدعوة والرسالة؛ فهو الرسول الخاتم، ومن المؤكَّد أن ورقة يعلم من كتبه أن هذا هو الرسول الأخير في تاريخ الدنيا.

ثالثًا: عَرَّفَ ورقةُ بن نوفل الرجلَ الذي جاء محمدًا صلى الله عليه وسلم في الغار في رؤياه أنه الناموس الأكبر، والناموس هو صاحب السرِّ؛ فالله عز وجل يُطلع جبريل عليه السلام على سرٍّ لا يُطلع غيره عليه؛ وهو سرُّ الوحي: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 26، 27]. فعَرَّف بذلك جبريل عليه السلام على أنه المـَلك الرسول، الذي يأتي من قِبَلِ ربِّ العالمين للأنبياء؛ لكنه أشار أنه الناموس الذي كان يأتي موسى عليه السلام، ولم يقل: الذي كان يأتي عيسى عليه السلام، مع أنه نصراني؛ وذلك من المحتمل لأن الشريعة الرئيسية للنصارى هي شريعة اليهود في الواقع مع بعض التعديلات التي جاء بها عيسى عليه السلام؛ وذلك مصداقًا لقوله عز وجل على لسان عيسى ابن مريم: {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ} [آل عمران: 50]. فموسى عليه السلام هو صاحب الشريعة الرئيسية التي يرتبط بها جمهور النصارى بشكل عام، مع بعض الأمور التي جاء بها عيسى عليه السلام في الشريعة الجديدة، وهكذا صارت التوراة هي العهد القديم بالنسبة إلى النصارى؛ بينما الإنجيل هو العهد الجديد لهم، وكلا الكتابين مقدَّس عندهم، ومن المحتمل أن يكون ورقة قد ذكر موسى عليه السلام لأنه أول أنبياء بني إسرائيل بشكل عام، وعيسى كذلك من أنبياء بني إسرائيل، وكل مَنْ جاء من بعد موسى عليه السلام فهو على دينه، وأخيرًا من المحتمل أن يكون ورقة قد قال ذلك لأن اليهود والنصارى جميعًا يؤمنون بموسى عليه السلام؛ بينما لا يؤمن اليهود بعيسى عليه السلام؛ فيكون قول ورقة بن نوفل جامعًا لليهود والنصارى؛ أي لأهل الكتاب، في أنهم جميعًا يؤمنون بجبريل الذي أتى موسى عليه السلام.

رابعًا: في تعليقنا على ردِّ فعل ورقة بن نوفل هو أنه لم يتردَّد ولا لحظة في إبداء رأيه، وفي هذا دلالة على أمور؛ منها أنه كان في الأغلب يتوقَّع ظهور النبي الآن، ويتوقَّع ظهوره في هذه البلدة تحديدًا، ولا شكَّ أن عنده من العلم ما يُعطيه هذا التأكُّد؛ خاصة أنه ردَّ على خديجة بمنتهى الثبات، ولم يشك في كون النبي يُبعث في هذا البلد، ومنها كذلك أنه كان يُلاحِظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم علامات معينة، وبالتالي لم يظهر عجبه أن جاءت النبوة إليه، ولم تجئ إلى غيره، ولعلَّ ما سألت عنه خديجة رضي الله عنها قبل ذلك بشهور أو سنوات عندما سألته عن الضوء والصوت الذي يراه ويسمعه محمد صلى الله عليه وسلم، فعلَّق على ذلك أنه من المحتمل أن يكون نبي هذه الأمَّة، ولما جاءت العلامات المؤكِّدة من لقائه بالناموس الأكبر -وإن كانت في رؤيا- فإن ورقة بن نوفل أظهر إيمانه الجازم بأن هذا هو رسول هذه الأمَّة، ومنها كذلك أنه كان متجرِّدًا مخلصًا لا يطمع في شيء لنفسه؛ ولذلك أعلنها صريحة، بل سيُعلن بعد ذلك أنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إيمانه، وسوف يدعمه بكل ما أوتي من قوة إن أبقى الله عز وجل فيه حياة.

كان هذا هو موقف ورقة بن نوفل رحمه الله؛ وهو من المواقف المشرفة في تاريخ السيرة النبوية.

عودة خديجة إلى زوجها صلى الله عليه وسلم:
عادت خديجة رضي الله عنها إلى زوجها صلى الله عليه وسلم، وأخبرته بما قاله ورقة بن نوفل، ولا شكَّ أن هذا الكلام قد وقع منه موقعًا كبيرًا؛ فالآن محمد صلى الله عليه وسلم يتوقَّع بنسبة كبيرة جدًّا أن يكون هو نبي هذه الأُمَّة، ليس هذا على وجه اليقين عنده، ولكن كثرت الدلائل؛ منها:
أولاً: الأمور الغريبة التي حدثت في حياته قبل ذلك؛ مثل شق الصدر، وسلام الحجر، والرؤيا الصادقة، ومنها الكلمات التي قالها الرجل في المنام، وهي ليست من كلمات البشر، ومنها الرجل الذي وقف في السماء في كل الاتجاهات، وهو وقوف عجيب لا يمكن لأحد من البشر أن يفعله، ومنها تصريحه بالرسالة له عندما قال له: أنت محمد رسول الله وأنا جبريل. وأخيرًا منها كلام ورقة بن نوفل، والتأكيد الذي ذكر به الأمر، وعدم التردُّد فيه، وذِكْر أن ذلك في كتب التوراة والإنجيل.

عندما وصل هذا الانطباع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قرَّر أن يُكْمِل جواره أو اعتكافه في غار حراء؛ ومن ثَمَّ عاد إلى هناك، وعودة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حراء تُعطي الانطباع أنه صار مُصدِّقًا للأمر، ولم يَعُدْ خائفًا منه؛ لأن الرعب لو كان يغلب عليه ما عاد إلى حراء ثانية؛ ولكنه عاد على أمل أن يلقى جبريل عليه السلام على الحقيقة كما جاء في رؤياه؛ لأنه تعوَّد في الشهور الستة الأخيرة أن تتحقَّق رؤياه، وتأتي كفلق الصبح كما ذكرت عائشة رضي الله عنها في روايتها.

[1] ابن هشام: السيرة النبوية 1/236، والطبري: تاريخ الرسل والملوك، 2/300، وابن كثير: البداية والنهاية 3/18، وفي سيرة ابن إسحاق المطبوعة الرواية "عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان... عن بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الله...". انظر: ابن إسحاق: السير والمغازي، 1/167، وقال الصوياني: إسناده صحيح: رواه ابن إسحاق: حدثنا وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عميرة بن قتادة الليثي: حدثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله من النبوة.. وهذا الإسناد صحيح: ابن إسحاق لم يدلس، ووهب تابعي ثقة.. انظر: تخريج أحاديث السيرة (1/223)، وسيرة ابن كثير (1/402). انظر: الصوياني: السيرة النبوية 1/64، وقال البرزنجي في صحيح وضعيف تاريخ الطبري: إسناده ضعيف، ورواه بطوله ابن هشام في سيرته... قال ابن إسحاق: وحدثني وهب بن كيسان... وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي. وهذا إسناد مرسل صحيح، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث... قلنا: والحديث حسن بمجموع طرقه. انظر: صحيح وضعيف تاريخ الطبري، 2/14.
[2] حذف ابن هشام بعض الأخبار الواردة عن ابن إسحاق وقد ذكر أسبابًا لذلك؛ من هذه الأسباب أن يكون النصَّ غير ضروري للسيرة، ولا شكَّ أنه عنى بذلك قسم السيرة الأول "عن أقسام سيرة ابن إسحاق، قارن الدوري: نشأة علم التاريخ عند العرب 32-35" الذي سمَّاه ابن إسحاق بالمبتدأ، ومقارنة بعض الأجزاء بالطبري مثلاً تظهر أن القسم المحذوف كبير نسبيًّا. انظر: ابن إسحاق: السير والمغازي، مقدمة المحقق ص16، بتصرف يسير.
[3] ابن سعد: الطبقات الكبرى 8/12، وأبو هلال العسكري: الأوائل ص112، والصالحي الشامي: سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 2/164، السيرة الحلبية (إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون) 1/203.
[4] الدارمي: المقدمة، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب قبل مبعثه (5)، واللفظ له، وقال حسين سليم أسد: مرسل وإسناده صحيح. والحاكم (4242)، ورجاله ثقات. وقال إبراهيم العلي: رجاله ثقات. انظر: صحيح السيرة النبوية، ص22.
[5] "وخرج صلى الله عليه وسلم في مال خديجة ذلك، ومعه غلامها ميسرة، حتى قدم الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبًا من صومعة راهب من الرهبان، فاطلع الراهب على ميسرة، فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال له ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي". سيرة ابن إسحاق ص81، وابن هشام: السيرة النبوية 1/188، 189، وابن سعد: الطبقات الكبرى 1/104، 124، والطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/280.
[6] أحمد (2846)، عن أبي هريرة، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده على شرط مسلم إلا أنه اختلف في وصله وإرساله. والطبراني: المعجم الكبير 12/186، وقال الهيثمي: رواه أحمد متصلاً ومرسلاً، والطبراني بنحوه وزاد: وأعينه. ورجال أحمد رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 8/255.
[7] ابن هشام: السيرة النبوية 1/236، والطبري: تاريخ الرسل والملوك، 2/300، وابن كثير: البداية والنهاية 3/18، وفي سيرة ابن إسحاق المطبوعة الرواية "عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان... عن بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الله...". انظر: ابن إسحاق: السير والمغازي، 1/167، وقال الصوياني: إسناده صحيح: رواه ابن إسحاق: حدثنا وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عميرة بن قتادة الليثي: حدثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله من النبوة.. وهذا الإسناد صحيح: ابن إسحاق لم يدلس، ووهب تابعي ثقة.. انظر: تخريج أحاديث السيرة (1/223)، وسيرة ابن كثير (1/402). انظر: الصوياني: السيرة النبوية 1/64، وقال البرزنجي في صحيح وضعيف تاريخ الطبري: إسناده ضعيف، ورواه بطوله ابن هشام في سيرته... قال ابن إسحاق: وحدثني وهب بن كيسان... وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي. وهذا إسناد مرسل صحيح، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث... قلنا: والحديث حسن بمجموع طرقه. انظر: صحيح وضعيف تاريخ الطبري، 2/14.
[8] الحاكم: كتاب معرفة الصحابة رضي الله تعالى عنهم، (4407)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (306).

د.راغب السرجاني

منقوووووول


موقف السيدة خديجة من الوحي 0_adb46_47a42470_L
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موقف السيدة خديجة من الوحي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ترحيب بالملاك الجديدة خديجة
» السيدة الفلسطينية هي سيدة النساء
» كرم السيدة عائشة وزهدها وورعها وتقواها رضي الله عنها .
» موقف محرج
» أنواع الوحي لرسول الله صل الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملاك الروح :: ۩۞۩ ملاك السيرة النبوية الشريفة ۩۞۩-
انتقل الى:  

جميع الحقوق محفوظة لـمنتدى ملاك الروح
Powered by®https://ranosh.7olm.org
حقوق الطبع والنشر©2018 -2017
إن جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , فلا تتحمل الادارة اي مسؤولية تجاه تلك المشاركات