تموز الحادي والعشرين...

موضوع: تموز الحادي والعشرين... 2011-02-01, 9:10 pm

**تموزُ الحادي والعشرين**

الثانيةَ عشرةَ إلا ستِّ دقائقَ قبلَ منتصفِ اللّيلِ...
داخلَ معزلٍ إسمنتيّ نُفيتْ إليهِ القلوبُ الحزينةُ...
بينَ أمواجِ السّوادِ المتلاطمةِ بهواءِ الغرفةِ، تُشتّتُها حباتُ ضوءٍ أصفرَ شاحبٍ تتسلّلُ ناعسةً منْ كرةٍ تتدلّى منْ سقفٍ شَهدَ أحلامَ اليقظةِ وأبخرةِ الدموعِ لسبعِ سنواتٍ ونصف...
منْ لجةِ الغرقِ في أعماقِ سكونِ الّليلِ وصمتِهِ الذي لا "يشوّشهُ" إلا غناءُ عقربِ الثّواني "تِكْ تَاكْ" المشتاقِ دوماً لأطفالهِ الإثني عشر...
بينَ قطعِ الأثاثِ الكسولةِ التي تصطفُّ بانتظامٍ مُملٍّ دونَ حراك...
تجلسُ هناكَ وحدَها... تسندُ ظهرها إلى البابِ لتكونَ مواجهةً لساعةِ الحائطِ تماماً... لا أحدَ يعرفُ طريقَ وحدتِها سوى عقربِ الثواني "تِكْ تَاكْ"، وبقايا منْ تموزِ العشرين...

الثانيةَ عشرة إلا خمسِ دقائق...
ما زالتْ تقنعُ نفسهَا بضرورةِ النّومِ المبكّرِ لفوائده... لكنّها لا تدري ما الذي يمنعُها.. مُشادّاتٌ بينَها وبينَ سيّدِ النّوم، تستدعيهِ فيأبى، وفي لحظةٍ يشفقُ على عينَيها فيأتي، فتصدّهُ بعناد!!

الثانيةَ عشرةَ إلا أربعِ دقائق...
استسلامُ الطّرفينِ لبعضهِما... وما زالتْ "تِكْ تَاكْ" تعكّرُ صخبَ الهدوء. تكوّرتْ على بعضهِا ووضعتْ خدّها على السجادةِ الخشنةِ، اطمأنتْ أنّ البابَ ما زالَ وراءَها، أغمضتْ عينيها...

الثانيةَ عشرةَ إلا ثلاثِ دقائق...
ابتسامةٌ على وجهِها الصغيرِ النائم...
أشخاصٌ، كلماتٌ، ضحكاتٌ، تهنئةٌ... تزاحمتْ جميعُ خيالاتِها التي راودتْها منذُ زمنٍ في فتحةٍ صغيرةٍ تُطلُّ على عالمِ أحلامِها الكبير...
تنامُ عميقاً كنومةِ طفلٍ بعدَ موجةِ بكاء... وما زال البابُ المغلقُ خلفَها، والسّاعةُ تحدّقُ بها، وعقربُ الثواني "تِكْ تَاكْ" ...
رفعتْ يديها لتنفضَ عنْ جسدِها الكسلَ... تثاءبتْ قليلاً، ثُمّ شعرتْ بنشاطٍ يدبُّ في خلايا جسدِها المتعبِ بعدَ استيقاظِها منْ نومِها الطّويلِ.. جالتْ بعينيها أرجاءَ الغرفةِ.. ووصلتْ إلى آخرِ محطةِ زارتْها قبلَ النّومِ... السّاعة...
حملقتْ بها... تسمرتْ، تعجبتْ!!

الثانيةَ عشرةَ إلا دقيقتين...
" ألمْ ينقضِ اللّيلُ بعد؟!! أما زالَ عليّ تحمّلُ دقيقتين إضافيّتين منْ وعودِ العمر؟!! لكنّني نمتُ حتّى تبددتْ كلُّ بادرةِ نعاس... وعشتُ كلَّ يقظاتِي المرجوّةِ داخلَ نومي... لماذا استيقظتُ؟؟ يا تموزَ الحادي والعشرين، بربّك أجبني..."

الثانيةَ عشرةَ إلا دقيقة...
"يا تموزَ الحادي والعشرين خلتُكَ لنْ تأتي !! لمْ أتجهّزْ لك، لمْ أدعُ أحداً، لمْ أرتدِ فستاني الزهريّ بعد، لم أُخرجْ شريطةً بيضاءَ أجمعُ بها شعري المتناثرَ على وجهِي... لمْ أشرِ لنفسي هديةً تقينِي سخريةَ القلبِ..!!"

الثانيةَ عشرةَ...
" يا تموزَ الحادي والعشرين، لماذا أتيت؟؟ لتكونَ الشاهدَ الوحيدَ على وحدتي!! يا تموزَ الحادي والعشرين، لماذا أوهمتَني باختلافِ هذه المرّة؟؟"
توقفتْ عنْ تذمّرِها التّموزيّ، ورغماً عنْ صبرِها بكتْ، ثمّ سريعاً استجمعتْ كلَّ تبلّدِها، مسحتْ بيدها حمرةَ عينيها، جفّفتْ خدّيها... وما زالَ شوقُ عقربِ الثّواني يُصدرُ ذاتَ الضّجيج "تِكْ تَاكْ"، ناظرتْ الساعةَ... "يا تموزَ الثاني والعشرين... إليكَ عنّي، فلستُ بانتظارِك..." ، ثم غفتْ ... وصمتتْ الساعة.

موضوع: رد: تموز الحادي والعشرين... 2011-02-01, 9:18 pm

قرب الثانية عشرة الليلية ... وبعدي عن تموز...
وانتظاري الذي لا يمكن أن ينتهي...
جعلتني أنشر هذا النص الآن.

موضوع: رد: تموز الحادي والعشرين... 2011-02-04, 9:10 am

انسرق
قلبي وأصبح يهذي بحروف
من أجمل ماقرأ..
..أأسطر لها الشكر.
... لاأستطيع
فأبداعها يعجز قلمي ويخجل
حرفي عن شكرها .
....عذب وصفها يترقرق
بهدؤ وينساب من
مخيلتها ....ليسقط حبر قلمها
لوحة جمال على الورق....
تقبلي مروري

استعراض المواضيع التي لم يتم الرد عليها

موضوع: رد: تموز الحادي والعشرين... 2011-02-04, 10:46 am

لوحة جمال على ورق!
ذاك عنوان سيظل في بالي حتى آتي له بنص...
ألف شكر لمرورك العطر جدا...
تحيتي للبنان.

موضوع: رد: تموز الحادي والعشرين... 2011-02-04, 6:17 pm

يا تموز الثاني والعشرين .. لا تتركها فوالله اني لا أطيق فراقها .. ولست اصيح لك فقط بل سأقول يا تموز .. إني آمرك بأن لا تغيب شمسك ولا يظهر قمرك الا وانت موقن بأنك ستعود سنة أخرى وأخرى ...
ابداع تعلمت منه الكثير الكثير .. جمال كلماتك ورقة شعورك تجعلني انسى ماضي وأفكر بالحاضر ...

موضوع: رد: تموز الحادي والعشرين... 2011-02-04, 7:41 pm

نوراتي،
شمسه بيد الخالق،
يأت بها أنّا يشاء...
وحينما تشرق من المغرب...
سوف لا أرجو لقائك...
ابقِ بخير جدا.

» تموز هذا العام...
» تهنئة كبيرة للمتميزة والمبدعة سهام ماجد بوسام الالفية الثالثة والعشرين