خفض منطقة على سطح الأرض
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ
مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ
الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ *
بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}
[الروم: 1-5].
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
أدنى: دنا من الشيء دنواً ودناوة: قَرُبَ.
وهناك رواية لقراءة أخرى عن الكلبي "في أداني الأرض" ذكرها الألوسي وأبو السعود في تفسيريهما.
وأدنى: أخفض.
فهم المفسرين:
أشار المفسرون كالرازي والقرطبي والطبري وابن كثير إلى المعنى الأول لكلمة "أدنى" وهو أقرب، وذكروا بأن أدنى الأرض أي أقربها.
وقد روي عن ابن عباس والسدي أن الحرب بين الروم وفارس وقعت بين الأردن
وفلسطين، وحدد الإمام علي بن حجر العسقلاني مكان المعركة بأنه بين أذرعات
بالأردن وبصرى الشام.
حقائق علمية:
- توضح المصورات الجغرافية مستوى المنخفضات الأرضية في العالم أن أخفض
منطقة على سطح الأرض هي تلك المنطقة التي بقرب البحر الميت في فلسطين حيث
تنخفض عن سطح البحر بعمق (392) متراً. وقد أكدت ذلك صور وقياسات الأقمار
الاصطناعية.
التفسير العلمي:
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى
الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ
سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ
الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم: 1-5].
إن سبب نزول هذه الآيات هو وقوع معركة بين مملكتي فارس والروم في منطقة بين
أذرعات وبصرى قرب البحر الميت حيث انتصر فيها الفرس، وكان ذلك سنة 619م.
ولقد أصاب المسلمين الحزن نتيجة لانهزام الروم لأنهم أهل كتاب وديانة
سماوية بينما الفرس مجوس وعبّاد للنار، فوعد الله تعالى المسلمين بأن الفرس
ستُغلب في المعركة الثانية بعد بضع سنوات وأن نصر الروم سيتزامن مع نصر
المسلمين على المشركين. وبضع سنوات هو رقم بين الخمسة والسبعة أو بين
الواحد والتسعة كما يقول علماء اللغة العربية، وقد تحقق ما وعد به القرآن
الكريم بعد سبع سنوات أي ضمن المدة التي حددها من قبل، حيث وقعت معركة أخرى
بين الفرس والروم سنة 626م وانتصر فيها الروم وتزامن ذلك مع انتصار
المسلمين على مشركي قريش في غزوة بدر الكبرى.
إن المتأمل في الآية القرآنية يلاحظ أنها قد وصفت ميدان المعركة الأولى بين
الفرس والروم بأنه أدنى الأرض وكلمة أدنى عند العرب تأتي بمعنيين أقرب
وأخفض، فهي من جهة أقرب منطقة لشبه الجزيرة العربية، ومن جهة أخرى هي أخفض
منطقة على سطح الأرض، إذ إنها تنخفض عن مستوى سطح البحر بـ 392 متراً وهي
أخفض نقطة سجلتها الأقمار الاصطناعية على اليابسة، كما ذكرت ذلك الموسوعة
البريطانية، وهذا تصديق للآية القرآنية الكريمة فسبحان الله القائل: {وقل
الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها}.
المراجع العلمية:
ذكرت الموسوعة البريطانية ما ترجمته: "البحر الميت، بقعة مائية مالحة مغلقة
بين (إسرائيل) والأردن، وأخفض جسم مائي على الأرض فانخفاضه يصل إلى نحو
1312 قدم (حوالي 400 متر) من سطح البحر، القسم الشمالي منه يقع في الأردن،
وقسمه الجنوبي مقسّم بين الأردن وإسرائيل، ولكن بعد الحرب العربية
الإسرائيلية عام 1967، ظل الجيش الإسرائيلي في كل الضفة الغربية. البحر
الميت يقع بين تلال جُدَيّة غرباً وهضاب الأردن شرقا ً".
وجه الإعجاز:
يتجلى وجه الإعجاز في قوله تعالى: {أدنى الأرض} حيث تعني كلمة "أدنى" في
اللغة أقرب وأخفض، فأخفض منطقة هي منطقة أغوار البحر الميت بفلسطين. تماماً
كما سجلته الأقمار الاصطناعية بعد أربعة عشر قرناً.