- مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم صلاة وتسليما يليقان بمقام أمير الأنبياء وإمام المرسلين أمابعد : فسبحان من {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }البقرة269 وقال تعالى {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }النحل125 فما من حكمة للحكماء إلا من كتب السماء, وأهل الحكمة هم جميع الأنبياء ثم الأولياء والمقربين والسعداء في الدارين،وبقدر اليقين ظفروا بالتمكين في الدين،فليس ماأكتب إلا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعبرة والحكمة بطريقة مختصرة موجزة مؤلفة بفضل الله حكما وأدعية ومأثورات، والحكمة الصادقة أقوى في الاقناع،فهذه الحكم تخرج العقل من سجنه ورقاده قبل موته وحسابه،لأنه لامهرب لظالم يوم رد المظالم،وأن الكل حر في اختياردينه دنيويا قال تعالى{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}البقرة256، والكل يبحث عن موهبته لتحقيق مهابته بجمع العلم,والعلوم أنواع،أحبها أنفعها،وأنفعها ماكان لوجه الله،إنها كلمات خير من كنوز البر والبحر،لايعرف قيمتها الا المشتغلون بجواهر الحكم قبل الندم،وقد اقتصرت بدون شرح مطول لأني واثق من وضوح المعنى للصغير والكبير،لأن عصر السرعة غالبا يتعارض مع عصر الشرح والتطويل،أما المأثورات التي هي عن غيري فقد كتبتها كما كتبوها ولاكن مجمعة بعنوان قالوا عن أو من أقوال كذا، توارثتها الأجيال لأن معانيها مستخلصة من كتب السماء وتجارب العلماء والله أعلى وأعلم ، مقدمه لسيادتكم باسم زكي عبدالغفار - قويسنا البلد - منوفية - مصر
2 - الزهد
الحمدلله أن أعظم النعم اليقين والهدى والرضا دليل على الحمد والشكر، فيجب علينا حب الهادي أكثر من الهدية ، وحب المسخر أكثر من المسخرات{ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }النمل40 أخي المسلم اعلم أن الجنات مبهرات لكل المخلوقات ، وأقل مبهرات الجنة أحدث و أعظم من كل عصور المستقبل مهما عظمت ، لأن فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فمن خاف الزهد في الدنيا هاب الكثير ممن غلبوه زهدا في الأخرة ، والزهد ليس انجزاب وتضليل ، أو تواكل و عويل ، أولبس الهلاهيل ،ولكن الزهد هو التقوى ، فعن علي كرم الله وجهه قال (التقوى هي الخوف من الجليل ، و العمل بالتنزيل ، والرضا بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل ) والعمل بالقرأن فيه راحة البال و نيل كل الأمال ، ان لم يكن في الحال ، فيوم تقلب الأحوال ، والظلم الدنيوي وان طال ، فهو نعمة اتصال بالمتعال ، وما نشاء غير ما يشاء محال ، وأولى الناس بالنوال أزهدهم في السؤال ، ومن طلب العلا سهر الليالي ، ومن صبرعلى الادخار اشترى الغالي ، والزهد هو العبادة ، وما أحلاها العبودية ، هي الجنات الدنيوية ، كي تنال الأخروية ، في جنات ملكوتية ، وبنوره نوانية ، وحورها عطرية ، ونفوسنا مرضية ، في راحات أبدية ، وملائكة رحمانية ، ذات أجنحة بهية ، ذات قلوب جلية ، ومعلومات كشفية ، والخير في كل نية ، لا تأثيما لا حمية ، والمحبة باطنية ، والمعاني ذوقية ، ذات فائدة بقية ، ذات إبهار علية ، ذات طاقات كلية ، بفضل رب البرية ، فازهد فيما عند الناس يحبوك ، وطع الله يحبك الله ، وحب الله أصدق وأنفع .
3 - الاستدراج والغضب
أخي المسلم اعلم أن النفس كالذنوب كلما استفحلت غلبت ، وكلما استمتعت طلبت ، والنفس إن حرمتها الإسراف منعتها الإتلاف ، واعلم أن عدم إجابة الدعاء اختبار،أوانتظار أو شر من الأشرار أو ادخار ليوم القرار، واعلم أن أقرب الخلق للخالق من جاهد النفس للنفس وأحمدهم وأبلاهم ، واحذر استدراج الشياطين ولوكنت من أشد العابدين ،لأن الاحساس بالكمال هو بداية النقص ، واعلم أن الذلات أحمال ثقيلة في وزنها ، والخوف وقتها والندم بعدها ولا محو لها ، والذنوب كروب لا تموت بالموت ، وليس الإيمان بالتمني ، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ، بالثقة في عدل الله بعد الموت ،لأن الدرجات حسب التقوى وحب العدل والصدق ولو على النفس ، فالعلم إنتفاع أخروي وليس إفتخار دنيوي ، والدنيا طلابها الجهلاء ، والجنة طلابها العقلاء ، والله طلابه الأصفياء ، والإنشغال بطاعة الخالق خير من الخلقة الملهية عن خالقها ، واعلم أن الناس نيام واذا ماتوا انتبهوا ، والموت أصدق من الحياة والحياة أصدق بعد الموت ، كالفرق بين هلوسة الأحلام وتأكيد اليقظة ، وابتعد عن مواقع السوء والحذر, لأن مجرب الشر موصوف به ولو كان كاره له ، وترك الخطيئة خير من المعالجة بالتوبة ، واحذر أن تهرب من عذاب الحاح الشهوة الى عذاب الحاح الندم ، ،مثل أعمى وجرى فانصدم ,وبعد عناء البناء انهدم ،كمن هرب من الشقاء المنقطع بالموت الى الشقاءالباديء بالموت , والغضب ريح يطفيء سراج العقل , والرد الليّن يصرف الغضب , وبحسن المعاملة تدوم المحبة , وجواهر الأخلاق تكشفها المعاشرة , والغضب يُدَمِر لا يُعَمِر , والباني صاعد والهادم هابط , فيهدم الصدر الضيق ما يبني العقل الواسع , ولا توقد نار لا تستطيع إخمادها , فأول الغضب جنون وأخرهُ ندم , وأمل تحول إلى ألم , والجمال في الطبع والدين , أي التسامح واليقين
4 - مايحبه الله
إعلم أن الله يحب من كان له لسان ذاكر وقلب شاكر وجسد على البلاء صابر وكل من صدق وعدل ، والكل يشهد بحب الله ولكن علامة المحبة لله الطاعة ، وعلامة الشكر القناعة ، وعلامة العلم العمل ، والاستقامة تدبير وادخار ، خير من كرامة تبذير وافتخار ، والاستقامة هي الطريق الى الكرامة ، والأحد لايظلم أحد ، كما تفعل سيفعل بك ، وامهل الجار وان جار وانصح ولا تفضح ، والعاقل من ترك العاجلة قبل أن تتركة ، واستعد للموت قبل أن يخطفة ، وخير الكلمات والأعمال أنفعها دائما لا عاجلا ، وعلم نفعه أخروي خيرمن علم نفعه دنيوي ، أي أن عابد مجزوب أهدى عند الله من عالم مشرك ، واعلم أن ستر الفقر من كنوز البر ، والحمد للنعمة والذنب ستار والخلق بين نعمة وذنب باستمرار ، والدال على الخير كفاعله ، وكما تذكر يذكروك ، ومن أتا الله أجاره بالهداية والثقة واليقين ، ومن أحب الهدى عن العمى نال التمكين في الدين ، وتذكر أن أصدق الحديث كتاب الله ، وأصدق الهدى التقوى ، وخير الملل ملة لا اله الاالله ، وأحسن السنن سنة محمد رسول الله ، وخير الأمور أوسطها وشرها محدثتها ، وما قل وأغنى خير مما كثر وألهى ، وخير ما ألقي في القلب اليقين ، وفي الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) صدق رسول الله ص رواه البخاري , وإياك أن تربط استجابتك باستجابته , فإن استجابتك له هيَ دليل استجابته , وهيَ لك رصيد ورشاد , قل تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186
5 - مايبغضه الله
اعلم أن الاعتراف بالحاجة الى الأخرين يزيد رعايتهم أو رضاهم , واعلم أنه من اشتكى الخالق للمخلوقين ابتلاه بتركه ليخسر الدنيا والدين , حتى يتوب لربه ويعترف بذنبه , فاترك الشك بفعل الأكيد , ولاتنقص غيرك لتزيد فتتساوى بالشيطان الطريد , واعلم أن الله عدل لدرجة أن الأحاسيس المكتومة ليست مستورة عن فلم الانسان من كثرتها مثل المرض والغيرة والغيظ والحيرة , وكل شيء عنده بمقدار , والكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون , حتى الأسرار والظنون , فإذا كنت في حيرة إوزنها بالدين , واعلم أن الظلم ظلمات يوم القيامة , وبدايه العمى إهمال , ونهاية الإستعماء ضلال , والطيور على أشكالها تقع , والمخلوق مع من تخلق بخلقه يوم القيامة , والعظيم من عمل لليوم العظيم , وإن لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل , فالزم الحياء العاصم و الذكر الدائم , والندم على ما فات باصلاح ماهو أت , واحذر التأجيل الذي يوقع في المستحيل , واترك الخلق للخالق , تكن من بينهم سابق , لأن العواقب أهم من المناصب , واليقين يقي و الشك يشقي , وبالتقوى تقوى , وبالهوى تهوى ,وبالغاية تعرف البداية , واعلم أن اكمال النفس أهم من انقاص الأعداء , والمكايده باللسان تقبيح للطرفين وتزيد الغيظ الدفين , فعش عيشة السعداء بلا أعداء , واغتنم الحسنات قبل اللقاء , قال تعالى {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }الأنعام160 , وأمر الله بثلاث ونهى عن ثلاث وذلك لصالح البشر جميعا , قال تعالى {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90 .
6 - الصبر
اعلم أن الصبر يطهر المؤمنين ويظهر تفاوت المتشبهين , والصبر أنواع من الطاعة مثل العفة والقناعة , والزهد والشجاعة , وأهم أسباب عدم الصبر هي اليأس والعجل والتعب والفشل ,فتوكل على الله مع كل عمل , لأن الأخرة نعيم بلا عمل لمن بدنياه اكتمل , وعقاب بلا أمل لمن لم يحتمل , ولأن الموت هو بداية الحكم بالعدل , فبع دنياك بأخراك تربحهما معا , ولكل مجتهد نصيب , ولكن بالموثوق , ولاطاعة لمخلوق في معصية الخالق , وذروا ظاهر الاثم وباطنه , لأن الجنة فيها الحرية , والهادي أهم من الهدية , والعاطي أهم من العطية , فاظهر ايمانك ليزداد , واصبرحتى الميعاد , وكن من الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس , واعمل لما بعد الموت , ومن لم يكن الموت له واعظ لاتنفعه المواعظ , ومن نظر لمن صبره أكبر هان عيه صبره , فلا تقول الا مايرضي الله , واصبر برغبتك قبل الصبر الاجباري بلا ثواب يوم الحساب , سبحانه خلق الرغبة وغلبها الانسان بهداية الرحمن , ومن أعقلها وتأنى نال ما تمنى , وانتظار الفرج عبادة , والله أعلم بعدله لأنه يعلم سركم وجهركم ونجواكم وخائنة الأعين وما تخفي الصدور والسر وأخفى وأحصى كل شيء عددا ,قال تعالى {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42 وقال تعالى أيضا {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }الزمر10 والأيات كثيرة ,ولا قيام للباطل إلا في تأجيل الحق لإظهار الأحق , وليميز الله الخبيث من الطيب , والمحن هي وقت الإمتحان لمعادن الرجال , وخمسة أشياء لو تذكرها الإنسان لهان عليه الصعب و تنزلت عليه السكينة ؟ أن يتذكر أن كل شيء بقضاء وقدر , وأن الجزع لا يرد القضاء , وأن ما هو فيه أخف مما هو أكبر , وأن ما بقيَ له أكثر مما أخذ منه وأن مصيبة المؤمن لا تخلو من ثواب أو غفران ذنب أوتمحيص قلب أو رفعة .
7 - حب الله للعدل
اعلم أن الأرواح بعد الموت حسب درجاتهم في القبور , فهي إما رعب و إما سرور , ويوم القيامة لا ندري كم لبسنا في القبور , فالدنيا كلها ظلمات إلا موضع العلم , و العلم كله هباء إلا ما كان مخلصا لوجه الله , وهو أدق العادلين , قال تعالى {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ
o وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }الزلزلة8،7 وقال عن يوم الحساب لاظلم اليوم لأنه يمهل ولا يهمل , وحرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين العباد , فجعل من نفسك عليك حسيبا , ولم يحرم زينته التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق , وأسعد بالحلال عن الحرام , وفتح باب التوبه في خير الكلام حتى لمن أسرفوا وقنطوا من رحمته أمهلهم في سلام , ونحن نتعجل الخلاص من البلاايا التي تظهر معادن الرجال , ليعطي كل ذي حق حقه , لأن الله يحكم بضمير العدل لا بظاهر الأحكام , حقا لو علم الظالمون حب الله للعدل ماظلموا , والنصيحة كالدواء المر , والمعصوم كالطائر الحر , والبر يوصل الى البر , والشر يعمي ويضر , فمن من الموت فر , ومن قبل الموت ظفر , والغني مع الفقير في سفر , وغدا يسكنون الحفر , ثم لا يظلم نفر , والدنيا لن تعود والأخرة لن تبيد , فخذ اليقين من الكتاب , واحصي فمن أحصاه صاب , و حب الشيىء لا يكفي لنواله , واعلم أن أهل النار مستجهلين وليسوا جهلاء بدليل هذه الأيه قال تعالى {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ }الأنعام33 ومن عدله أن يعجل العقاب لمن شاء في الدنيا وفي الحديث ( إن من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة ) صدق رسول الله ص رواه البخاري ومسلم وفي الحديث أيضاً (إن الله قسَّم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم , وإن الله عز وجل يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب , ولا يعطي الدين إلا من يحب ) صدق رسول الله ص رواه البخاري ومسلم .
8 - النفاق
الحمد لله الذي عصم الأنبياء من الذلل ليكونوا أقدر على البلاغ و العدل والصدق والقدوة , وهم أهل تواضع دون ذلل , وفتنة للطامع بغير حق , وأية المنافق اذا حدث كذب , وإذا إتمن خان و إذا عاهد أخلف و إذا خاصم فجر , ويرائي ويشهد للأقوى ولو ظلم , ومخالف بين السر والعلن والقول والعمل , قال تعالى {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }الصف3 , فالرياء يبطل ثواب العبادة , والغرور يحبط أجر الصدقة , وإن أردت السلامة في الدنيا فاغفر للناس جهلهم ولا تطمع في ملكهم , وارفض الجدل العقيم مع الأحمق واللئيم , وارجو تجارةً لن تبور , فذِكرُهُ كُلُهُ نور , والطاعة لله أهم من معرفة سبب الأمر ، لأن الله مطاع بكل اقتناع , عدل بلا أطماع , والحق أحق بالإتباع , ولكن الأطماع أوجاع , ودعِ الخِداع لأهل الخِداع خدَّاع , والموت أول المخاوف لمن عصى وأخر المخاوف لمن طاع , فخذ الخير من أهله ودع الشر وأهله , واعلم أن الحمد على النعمة نعمه , والموعظة موقظة قبل الندم , ومن بنى باستهتار انهدم , وبقدر الطمع يكون الصبر , وبقدر الصبر يعلو القدر , فلا تيأس من دعاء , واجعل الأسماء نداء , والثراء عطاء , والفقر ثناء , واعلم أن قيمة الطلب من قيمة الطالب , وقيمة الطالب من قيمة المطلوب منه , فإذا سألت فاسأل الله , وإذا استعنت فاستعن بالله بعد الأخذ بالأسباب , وكل شيء له معاد , فالمومن يزرع ويخشى الفساد , والمنافق يقلع ويرجو الحصاد , وكلا يحصد ما زرع و يُجزى بما صنع , والحقُ أحقُ أن يُتَّبع , والرجوع الى الحق فضيلة , فكما تَدِين تُدَان , وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء , والله يُمهِل ولا يُهمِل , واشكر من أهدى إليك عيبك , واشكر من أنعم عليك , وانعم على من شكرك , وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به , وخاطب الناس على قدر عقولهم .
9 - كيف تلهو
الحمد لله الذي قرب الذاكرين و أبعد الظالمين , وأذل من شاء بالمعاصي و أعز من شاء بالطاعة و اليقين , وكتب على نفسه الرحمة لمن تاب , وشغل الجهلة بميراث الخراب , والطعام والنكاح و الشراب , التائهين وراء دنيا السراب , والمؤجَلين الى يوم دوام العذاب , لأن الله شديد العقاب و مجيب لمن أجاب , فلا تعترض تُكتَب من الأحباب , ولا تكن مُنكراً يغلق عليك الباب , الأولياء في الورى أخفاهم الوهاب , كليلة القدر أخفاها على الطلاب , واعلم أن كثرة العتاب تغضب الأحباب , وطاعة الله مهابة , ومن عاب الجاهل عابة , فصم عن الدنيا واجعل فطرك الموت , لأن من ملك نفسه وأحكمها ملك , ومن لم يملك إلا الأخرين هلك , وابدأ من حيث انتهى إليه عباده العلماء , أن القرأن نور لكل العصور , ولا خير في لذه يتبعها ندم , وألا بذكر الله تطمئن القلوب , ألا بطاعة الله تطمئن القلوب , فكيف تلهو وفي القلب محبة السعادة بالجنة , وكيف تعصِي من يراك , ومؤخرك لهواك , لإن أطعته لأعطاك , خير الملاذ والإمتلاك , واعلم أن الشقي من تعجل أو اختار العاجلة , والسعيد من وعِظ بغيره في النافلة , فاعبد واصبر اليوم , وخذ ما يدوم بما لا يدوم , ولوم نفسك قبل من يلوم , وامنع غرورك تصبح مكروم , وأطع إلاهك تكن معصوم , لأن السعادة بعد اتمام تحمل الطاعة , وليست في الشهرة و الغرور بالإستطاعة , والإستقامة تزيد السعادة الظاهرة , والجرأة والمعذرة , في الدنيا والأخرة , والعمل عبادة بعد ما عليك من عبادة , ولا تعمل للدنيا فقط , فإن حيتان الدنيا من البشر كبالون تنفخ نفسها تعباً وقريباً يصيبها دبوس الموت , يبدو أن الكل مُخادع و مخدوع غارق في البحث عن الخدع , وأن الكل رادع و مردوع و يصنع في خياله دروع , والكل يتعلم ليعمل بما تعلم , فيتعب بنسيانه لأنه إنسان , إلى أن يفوت الأوان , ولأن العدالة بوجوه كثيرة , فالغالبية تشعر بالظلم , فتتعجل تحقيق العدل المستحيل , ومن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه , و لا يعنيك إلا نفسك وأنفاسك الذاكرة , فلا تبحث عن اليقين ولكن اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ , فإنه آت آت ولو بعد الممات , والدنيا سجن المؤمن , ولكن بعدها جنةً وخلود , والدنيا غابة الكافر وما بعدها أسوأ وأبقىَ .
10 - الصديق
اعلم أن أولى الناس بالصنيعة من إذا أُعطيىَ شكر , وإذا مُنِع عذر , وإذا غضب صبر , وإذا قدر غفر , وللمظلوم ينتصر , وأولى الناس بالقطيعة من إذا اغتاب بدع , وإذاسُئِل منع , وإذا ملك جشع , وإذا استولى طمع , واعلم أن شمع الكذب لا يضيء , وإن أضاء أحرق , وفي الأخرة حريق , فخذ الرفيق قبل الطريق , والجار قبل الدار , واحذر من سيء الطبع لئلا يسرق طبعك من طبعه وأنت لا تشعر , ومن ذا الذي لاعيب فيه , ويعمل بالقرأن وما فيه , ورزقه وإن قل يكفيه , ويقترب ممن يهديه , ويبعد عمن يغويه , ومن حُسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه , والصديق الصادق لا يحقد أو يحسد غيظاً على من لا ذنب له , فخذ من كل موهوب أعظم ما في موهبته دون انشغال غائر , ولاتحكم فيما لا تعاشر , ولا تعاشر ما لا تحكم أو تساير , واترك من يهزأ يُخيف من تسول له نفسه أن يكون بالنفاق أعبد , ومن لم تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له , لأن رغبة الغسيل مع الكسل لا تغسل , واعلم أن عتاب الأحبة محبة , ولكن خير النصح ماكان سراً , فاجعل الإنصاح بلا إفضاح , ومن ترك الأحمق إستراح , لأن الحمق أعيت من يداويها , والحمق هو كذب النفس على نفسها , فلا تكن شمعة تحترق لمستعمِي , يشتكي نارها , ويُنكر نورها , فيستكبر و يسخر كشياطين الإنس والجن , فإن كثير الحلف كاذب , وكثير الشتم مُبخِس , وكثير الظلم أناني , واحذر أهل الظلم وان قل , ولا تبيع السر قبل شراءه , ومن حسن صفاؤه وجب اصطفاؤه , ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه , لأن الروح كالريح وما راحت عليه , فتاخذ من روائِِِحِهِ وتُوصف بوصفِه ,فالطيور على أشكالها تقع , وخليل المرء دليل عقله , والمؤمن ينصحك والمنافق يفضحك , وجليس الخير غنيمه وجليس الشر شيطان , لأن شبه الشيء منجزب إليه ,فصاحب الأخيار تأمن الأشرار , فإن لم تجد فوحدة المرء خير من جليس السوء , والصبر على أخيك , خير من المعاتبة , والمعاتبة خير من القطيعة , والقطيعة خير من الوقيعة .
11 - حاسبوا أنفسكم
اعلم أن دموع الندم تطهر القلب وتغفر الذنب , فحاسِب نفسك قبل أن تُحاسَب , ولا معذرة لمن لا يعذر , قال تعالى {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
o وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ }القيامة15,14 وقال رسول الله ص(لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) صدق رسول الله ص , فلكل نفس هداها حسب هواها , ومن كذب على نفسه عداها , ومن صدق مع نفسه هداها , ومن خالط الأبرار وقر , ومن خالط الأشرار حقر , والصبر قبر العيوب , والغالب بالظلم مغلوب , ومعيب الخلق معيوب , فلا ترجو الأخرة بلا عمل , وتؤخر التوبة لطول الأمل , ولا تكن من أجهل الجهلاء في أهم الأشياء , وافعل ما يشاء كي يقضي ما تشاء , فمن كان الله همه نجاه مما أهمه , ومن كانت الدنيا همه , زاد همه وغمه , ومن عمل بالقرأن صاب سهمه , وعَلا فِهمه , واعلم أن بناء المستقبل خيرٌ من ترميم الماضي , بمعنى خير للمرء أن يضيء شمعة من أن يلعن الظلام , فاغتنم حياتك قبل موتك , وصحتك قبل سقمك , وفراغك قبل شغلك , وشبابك قبل هرمك , وغناك قبل فقرك , واعلم أن الظلم يقطعه الموت , ثم الحساب ولا فوت , ومن أعان ظالماً على ظلمه سلطه الله عليه , ومن لا يحكم نفسه يحكمه الأخرون , رأيت الناس مخدوعين الى جانب خدُّاع , يعيشون مع الزئب و يبكون مع الراع ِ , قال تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }هود114 فأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخُلُقٍٍ حسن , وإذا أذنبت فاستغفر , وإياك واليأس فكل ابن أدم خطًّاء , وخير الخطًّائين التوابون , وأفضلهم أحسنهم خُلُقاَ , وأكيسهم أكثرهم للموت ذكراً واستعداداً ,و في الحديث (الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت , والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ) صدق رسول الله ص رواه البخاري ومسلم
12 - حصاد اللسان
أخي المسلم لا تستهين بحصاد اللسان , فرُبَ حرب جنيت من لفظة , ورُب نار هاجت من شرره , ورُب علم من أيه إلاهية , ورُب دعوة مسموعة مرئية , ورُب ذله تغفرها البلِيًّه , ورُب موتة لراحة أبدية , ورُب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره , واعلم أن الإتباع أوْلَى من صدق الإبتداع , والوقاية من الذلة أسهل من ترجي غفرانها , والإنصراف عنها أسهل من الطهارة منها , فانصرف عن اتباع نفسك تصونها , فشيطانك يلقنها , و أول من يخونها , ونتائج المعاصي هم الضمير وغم المصير وخوف من الخالق والمخلوقين , فلا تكن ممن غلبت شهوته صبره , وأفسد علمه بعمله , فظن بربه أن لو أطاعه سيبتليه , أو لو استجهل يهديه , بل يهدي اليه من ينيب ، ولكل مجتهد نصيب , فأوثق غضبك بسلسلة الحلم , فإن الغضب كلبٌٌٌٌٌٌٌٌ عقور إن أفلت أتلف , واتق الله في السر قبل العلن ولا تستهين , فثمن الجنة الإستقامة والصبر , وثمن الإمامة الإحصاء واليقين , والمعصية بجهالة تزيد ندم التوبة الى التواب , وما أعظم أجر الندم إن صدقت النيات , أولائك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات , ولولا تقريرالذنب لهلك ابن أدم من العجب والغرور , فالشر يُظهِر جمال الخير , والسعادة في راحة الضمير , واياك من لكمات الكلام , و النميمة تزرع الشحناء وتفضح البغضاء , وصمت تسلم به خير من نطق تندم عليه , واكتم أرائك المرفوضة , وافعل ما تقتنع وتجوده , واياك والكذب الا في ثلاث ,في كتم أسرار الحرب , وفي الصلح بين الناس وفي المدح بين الأهل والأزواج , لأن الأمور بعواقبها , ومن أسرع في الجواب أخطأ في الصواب , والعاقل لا يتهم حتى يتبين , والواثق لا يخشى الفشل , ومن تدخل فيما لا يعنيه لقيَ ما لا يرضيه , وأكثر ما يأتي من الشر من ناحية الخوف , لأن الإثم ما حاك في الصدر وخشِيت أن يطلع عليه الناس , وإذا خاف العبد من المخلوق هرب منه , وإذا خاف من الخالق هرب إليه , قبل اليوم الذي لا مهرب فيه .
13 - لكل شيء سبب
اعلم أن الترهيب هو التخويف من عقاب الله , والترغيب يزيد الحُب لله وللقرأن , الذي من تكلم به صدق , ومن حكم به عدل , ومن تخلق به جمُل , ومن جادل به غلب , ومن عمل به فقد اتقى , ومن حفظه علا وارتقى , فهو دواء للروح والجسد , ومن بعد عنه أفسد وفسد , ومن جد وجد , و من زرع حصد , ومن اعترض انطرد , ومن لم يسأل شرد , ومن أطاع هواه باع دينه بدنياه , ومن بجهل كتب بندم شطب , ومن بجهل قال لا يسلم الأقوال , ومن لم يتشجع عند السؤال يحزن بعد الضلال , ومن ترك النصيحة ندم ومداخل السوء تُهم , وهل يكب الناس على وجوههم فالنار إلا حصائد ألسنتهم , ومن رضيىَ صغائر اللمم حُرِم ثواب الهمم , ومن صبر في درجات الهمم عظُم في عيون الأُمم , والدموع تطهر الإنسان , والتائب حبيب الرحمان , , فالخوف سببه العصيان , والعصيان سببه النسيان , والنسيان لمن هجر القرأن , بدأ بتهاون باللمم , وانتهى بهموم وندم , فاكتم بلواك عن الحسًّاد , واحكم هواك الى الميعاد , واحكم بالعقل الجسد , ولا تخاف من ذي حسد , واعلم أن أربعة تؤدي الى أربعة , الصمت الى السلامة و البر الى الكرامة و الجود الى السيادة و الشكر الى الزيادة , وأغلب الراحة في النوم , وأغلب الهيبة في المال , وأغلب المال في العمل , وأغلب المحبة في المدح , وأغلب العلم في الدين , وأغلب السعادة في العبادة , وأغلب العصمة في الاستغفار , وأغلب الإقناع في التجربة , وأغلب المتعة في الجنة , وأغلب الرضا في العدل , والعدل أساس الملك ونهاية الحساب , وأحب صفات الله الى الله , واعلم أن النصر مع الصبر , وإن لم يكن فبعد القبر , والكسل يُبعد الأمل , والصبر يغفر الذلل .
14 - تجمع وما تجمع
اعلم أن العقل نور والغضب يطفئه , والحياء نور والطمع يطفئه , والصدق نور والظلم يطفئه , والعدل نور لأهل النور ونار لأهل النار , وإذا أراد الله بعبد خيراً يسر له الطاعة , وألهمهُ القناعة , وفقههُ في الدين , وقواهُ باليقين , وإذا أراد به شراً حبب إليه المال , وبسط منه الأمال , وشغله بدنياه , ووكلَهُ إلى هواه , فركب الفساد , وظلم العباد , ومن سره الفساد أفسده الميعاد , وثمرة العلوم العمل بالمعلوم , ومن كثر ابتهاجه بالمواهب اشتد انزعاجه للمصائب , ومن قعد عن العدل أقامته الشدائد , ومن نام عن الحذر أيقظته المكائد , ومن خاف سطوتك تمنى موتتك , فلا تفتح باباً يعجزك سده , ولا ترم سهماً يعجزك رده , ولا ترُدًّنَ على ذي خطإِ خطأه بغضب , فيستفيد منك علماً ويتخذك عدواً , فإن اعتاد الأخطاء فرُدُهُ بلا أخطار , ومن عُرِف بالحكمة لاحظته العيون بالوقار , وما جُمِع بالصبر ضاع بالإستهتار , وإذا صنعت المعروف فاستره , وإذا اصطُنِع إليك فانشره , أليس الكلُ مُيَسر لما خُلِق له , والإنسان يختار حسب تجاربه , أما الدين فهو أصل الأمانة , من صانهُ صانه , ومن هانهُ هانه , ومن استعجل الشيء قبل أوانه عُوقِب بحرمانه , واعلم أن اليقين والتقوى قرينان إن غابَ أحدَهُمَا غابَ الأخَر , والعدل والصدق قرينان إن غابَ أحدَهُمَا غابَ الأخَر , والعبادة والسعادة قرينتان إن غابَت أحدَاهُمَا غابَت الأُخَرَى , والكل سيَرَىَ أفعالك الدنيَوِيَه حتى الضمير والنِيَه , واعلم أنه لا إستجابة ولا سلطان ولا سحر ولو بالإسم الأعظم إلا بإذن الله وعلمه ,عجباً لمن يتعاطون ألواناً من مسببات الهلوسه , بقصد النسيان أو البراءة من العصيان أو إظهار المال الفتان , فأسرعوا بزواله مأسورون في الإدمان , فهم أعداءً لأنفسهم وغيرهم , سفهوا , أنفسهم , واستجهلوا دينهم , وأضعفوا عقولهم , وأضاعوا أموالهم , ومحاسبون بأعمالهم .
15 - ميزان النفس
اعلم أن أهل الدنيا يقدروا الإنسان بأمواله وأفعاله وأقواله , وأهل الأخرة يُقدروا الإنسان بإحصائه للقرأن قولاً وعملاً دون ذلات , والله يقدر الإنسان بحبه للعدل والصدق ولو على نفسه وأحبابه , فالدنيا انبهار هالك , والقرأن انبهار معنوي , ومن دنا الى دناءَة الدنيا دان نفسه بنفسه عند الديان , وبعد ماوهن هان , فلا تصحب من الإخوان إلا صادق اللسان , فإن كل كاذِب خوَّان , وإنما توزن الناس عند أهل الناس عند أهل الفن بالجمال الفتان , وعند أهل القوة بقوة البنيان , وعند أهل الدنيا بأموال الإنسان , وعند أهل الأخرة بالعمل بالقرأن , والكل يبحث عن قدراته التى تزيد في ميزانه , فابحث عن الميزان الأخروي بالعمل الدنيوي , واعلم أن النفس أقوى من الشيطان , وأن الله قسم الناس في سورة الواقعة إلى ثلاثة أقسام , وقسم النفس إلى ثلاثة أقسام متطابقة , أولها النفس المطمئنة في سورة الفجر وهي للسابقون السابقون أولاءِك المقرّبون , ثم النفس اللوآمة في سورة القيامة وهي لأصحاب اليمين , ثم النفس الأمارة بالسوء في سورة يوسف وهي لأصحاب الشمال , ومن أنواع ظلم النفس بنفسها , ظلم الغضب والجفوة , وظلم الذنب والهفوة , وظلم البعد عن الصفوة , فلا تقاطع عند الريب , ولا تغالط عند العيب , وكلٌ يعمل على شاكلتِهِ ويختار عاقبتة , فأسلم لله اختيارك ليختارك , وامحو سيئاتك الماضية ترى عدله , واترك هفواتك الظالمة ترى فضله , واجعل التقرب أهم من المطلب , فإن اقتديت اهتديت , وان طمعت اعتديت , واتساع المُلك لا يشغل الملك عن ألطف وأصغر ما خلق , حقاً ياليت كل إنسان حراً في غير فوضى , شجاعاً طموحاً في غير إندفاع أوعنف , مستقلاً فغير إنعزال , قادراً على ضبط نفسه قبل غيره , محترماً نفسه من غير غرور , إجتماعياً دون أن يفقد شخصيته فيمن حوله ,راضياً في غير خمول , مهذباً في غير ميوعة , متواضعاً في غير خضوع , حساساً في غير تقزُز , مرحاً في غير تفاهة , مؤدباً في غير ضعف , يؤدي واجبهُ ولا ينسى حقوقه , ويحدد أهدافه بالأولويات , وازالة نقاط الضعف والعقبات , وأن يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدآ , وأن يعمل لآخرته كأنه يموت غدآ .
16 - كذب الشيطان
من استدراجات الشيطان تسمية المعاصي بأسماء محببة لإخفاء خبثها , فسمى الشجرة الممنوع الإقتراب منها بشجرة الخلد , والربا بالفائدة , والتبرج بالموضة , والإختلاط الفاضح بالحرية , ووصف الجبابرة بالعظماء , والمنافقين بالدهاء , كما سمى الطاعات بأسماء منفرة , فوصف الأنبياء بالسفاهة والجنون وأتباعهم بالأراذل , كما سمى البعد عن االمعاصي بالإنغلاق والرجعية , والبعد عن الخبرة المُحَرمة بالتخلف , وكل هذا من وحي الشيطان , الذي قال لأُغوينهم أجمعين , إلا عبادك منهم المخلصين , فهو الذي يصور الخير شر والبحر بر والنفع ضر , ويأمر بالنظر الى ألوان رفاهية الحياة الدنيا ليحزنك بالحرمان والإستعجال , بل اصبر حتى تنال ماتلذ الأعين والأنفس , ويكذب عندما يقول أنت أتقى منهم , بل انظر لمن صبره أكبر لكي تكبر يوم المحشر , ويكذب عندما يشغلك بالنظر للخلاعة , بل انظر لمن خلقها وأنظرك ليوم المناظر المبهرة , ويكذب عندما يستدرجك لتجرب الذلل , بل انظر الى الذاكرة والكتاب الذي لايغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها , ويكذب عندما يقول تناسَى الخطيئة فلن يُغفر لك , بل انظر الى قول الحق {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }هود114 واحذر اليأس فإنه يزيد الإحساس بالحرمان , فيُعَجِل العصيان , ويُكثِر النِسيان , ويُفقد الأمان , ويحرم الغفران , واعلم أن رغبة شيوع الفاحشة ليست إلا في الطامعين بغير حق , أو اليائسين من نيل الحلال , فإن لم يكن في الحال فيوم تقلب الأحوال , قال أحد الصالحين يعظ تلاميذه ( لا تغتروا بالأمل ونسيان الأجل , ولا تركنواإلى الدنيا فإنها غدارة خداعة , قد تزخرفت لكم بغرورها , فانظروا إليها بعين الحقيقة , جديدها يبلىَ , ومُلكها يفنَىَ , وعزيزها يُذل , وكثيرها يقل , ومولُودَها يموت , وخيرها يفوت , فاستيقظوا قبل أن تُدركم المنية , وتواجهواالحساب بين يدي الله عز وجل ) .
17 - الدنيا والدين
اعلم أن الأيام أربعة , أمسك مفقود و قد فات , ويومك مشهود فتزود بالذكر و الطاعات , ولك يوم موعود ينتهي بالممات , ثم يوم ممدود مخلد لا فوات , حقاً لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ من صفات ونوايا مثل الرياء والإستعماء , فإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه شقاء الدنيا وعذاب الأخرة , وأسعد السعداء من أخذ في الدنيا الإستقامة وفي الأخرة الكرامة , ومن أحب أن يعرف منزلته عند الله فلينظر منزلة الله عنده , فالطمع العاجل يعمي عن المزيد الأجل , ومن هرب من حساب الدنيا فلن يهرب من حساب الأخرة ، فلا تكن ممن استحبوا العمى على الهدى فأصابهم العماء , فظلموا وما ظلموا غير أنفسهم كأنهم لأنفسهم أعداء , فذل المعصية للمستكبرين دواء , لأن من رفض الهدى ضل وبندم الذنب ذل , والرجاء يُوجب الطاعة , و المحبة تُيسر الإستطاعة , وما من عبادة إلا ولها معنى , مثل الشهادة لا إله إلا الله وهي الملة , والصلاة عماد الدين وهي الألفة , والزكاة شُكر وهي الطُهر , والصيام جُنة و هو السر , والحج توبة وهو الشريعة , والجهاد شجاعة وهو الشهادة , والطاعة محبة وهي العصمة , والقرأن نور و هو الصراط , ومن حسب باليقين كسب دنيا ودين , وما يكذِبُ بِالدين إلا كلُ مُعتد أثيم , والدين مُقنِع لمن يقنع , والعقل يحكم الجسد , أي القلب يحكم القالب , وأعز الله القلب وأذل له القالب , والقلب يعلو بِِثقتِهِ بِكمال مُقلِب القُلوب ومُعدِد القوَالِب , والله قادر على كل شيء , ولا يشغلهُ شيءُ عن شيء , وليس كمثله شيء , كامل وخالق الأوصاف , لايظلم لا يخاف , فاحتمي برضاه , قبل أن تلقاه .
18 - قالو عن
واليكم بعض الأقوال المأثورة التي توارثتها الأجيال بعضها حِكَم نبوية صغيرة 1- قالوا عن الصداقة الصداقة ليست بكثرة الأعوان ولكن بصالح الأعون , من جاور السعيد يُسعَد ومن جاور الحداد انكوىَ بناره , ارفع علم الحق يتبعك أهله , شرالناس من لا يبالي أن تراه مسيئاً , أنصت للجهُال تزداد في الحِلم , وأنصت للعلماء تزداد في العِلم , من جاور القوم أربعين يوم صار منهم , من عرف لغة قوم أمِنَ مِن شرهم , من أبكاك وأبكىَ عليك خيرٌ ممن أضحكك وأضحك عليك , لايُلدغ المؤمن من جحر مرتين , كل موده عقدها الطمع وحلها اليأس , الأرواح جنود مجندة , ماتعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف . 2-قالوا عن الغضب رُب ابتسامة حلت مشكلة , من أطاع غضبة أضاع أدبه , اتق شر الحليم إذا غضب , القويْ من قويَ على نفسه أولاً و الحكيم من حكم نفسه أولا , معلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال عن معلم الناس ومؤدبهم , أكرم الحسب حُسن الخُلُقْ , يُدرك بالرفق مالا يُدرك بالشدة , إذا نسيت إساءة الأخرين دام لك ودَّهم . 3-قالوا عن الصبر رُب ضارةٍ نافِعة , مصائب قوم عند قوم فوائد , من لم يركب الأهوال لم ينل الأمال , القليل إلى القليل كثير , خذ من يومك درساً لغدك , الشكوىَ لغير الله مذله , إرضاء جميع الناس غاية لا تُنال , في التأني السلامة وفي العجلة الندامة . 4-قالوا عن العدل من أتلف شيء فعليه بإصلاحه , أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقة , من أكثر من شيء عُرِف به , أحكم بالظواهر والله أعلم بالسرائر , وإذا أردت أن تُطاع فأمر بما يُستطاع , وفي الحديث عن ابن عباس قال رسول الله ص ( إن الله تجاوز لي عن أُمتِي الخطأ والنسيان وماإستُكرهُوا عليه ) صدق رسول الله ص 5-قالوا عن العمل لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد , خيركم من طال عمره وحسُن عمله , كلما ظهر نفع إنسان كثُر أتباعه , العمل الصالح يُخلد ذكرىَ صاحبه , الحازم من حفظ مافي يده ولم يُؤخر عمل يومه لغده , عِلم بلا عمل كروح بلا جسد , بالعلم والعمل ترقىَ الأُمم , الدنيا عمل ولا حساب والأخرة حساب ولا عمل و الجزاء من جنس العمل , وفي الحديث ( إن الله يُحِب إذا عمِل أحدُكُم عملاً أن يُتقنه ) صدق رسول الله ص . 6-قالوا عن الشك والحذر من دخل مع الأسد في غابته لا يأمن من هجمته , من وضع نفسه موضع الشبهات فلا يلومن من أساء الظن به , الحذر لا يمنع قدر ولكِنَ الوقاية خير من العلاج , من نظر في العواقب سلم من النوائب , حرص من صاحبك ولا تُخوِنُه , ثقة العاطفة شهر وثقة العقل دهر , من نام عن رعيْ غنمه أكل منها السبع , من حام حول الحما وقع فيه , من تَدَخَّل فيما لا يعنيه لَقِيَ ما لا يرضيه . 7-قالوا عن صفات الناس المغرور من ينسىَ معاصيه , إن العجب ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب , من سعىَ بالنميمة حذره القريب و مقته الغريب , الملافظ سَعْدْ ومن يُعِيب في بُعْدْ , من ليس له وفاء للقديم فلن يفِي , سيء الظن لا يظُن بالناس إلا سُوءً لأنه يراهم بعين طبعه , من أكثر من شيء عُرِف به , خيركم خيركم لأهله , من تواضع لله رفعه , الدال على الخير كفاعله , من أصلح سريرته أصلح الله علانيته , فانظر عيوبك قبل الناس , من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه ومن عظه علانية فقد فضحه وشانه , أظهر الناس محبةً أحسنهم لقاءً , الإعتراف أوجه الشفعاء عند أهل العدل والوفاء .
19 - وصية أم وأب
1-وصية أم زفت إبنتها يُحكى أن سيدة من سيدات الإسلام عندما زفت ابنتها الى بيت الزوجية أوصتها فقالت (الوصية تذكرة للغافل و معونة للعاقل , يا بنتي إذا أردت أن تدوم المعاشرة بينك وبين زوجك , فعليك بالخشوع له بقناعة , وحسن السمع له والطاعة , و تفقدي مواضع عينيه وأنفه , فلا تقع عينه منك على قبيح , ولايشم منك إلا أطيب ريح , وتفقدي أوقات طعامه ومنامه , فإن شدة الجوع مُلْهِبة , وتنغيص المنام مُغْضِبة , والإحتراس لماله , وحسن الإرعاع لحشمه وعياله , ومُلاَّك الأمر في المال حُسْن التدبير , وفي العيال حُسْن التقدير , ولا تفشي له سراً , ولا تعصي له أمراً , إنك إن أفشيت سره أوغلت صبره , وإن خالفت أمره لم تأمني غدره , وإياك والفرح بين يديه إن كان حزيناً , وإياك و الحزن بين يديه إن كان فرحاً . 2-من وصايا لقمان لإبنه زاحم العلماء بركبتيك , وأنصت إليهم بأُذنيك , فإن القلب يحيا بنور الحكمة كما تحيا الأرض بوابل السماء , ولا تجادلهم فيمقتوك , وخذ من الدنيا بلاغك , وأنفق فضول كسبك لآخرتك , و لا تجالس السفيه , ولا تخالط ذا الوجهين , وأعِزَّ أَمر الله يُعِزَّك الله , و لا تركن الى الدنيا , ولاتشغل قلبك , فإنك لم تُخلق لها , وما خلق الله خلقاً أهون عليه منها , ولا تضحك من غيْرِ عجبْ , ولا تمشي من غيْرِ إرَبْ , ولا تسأل عما لا يعنيك , ولا تضيع ما لك وتُصلح ما لغيرك , فإن ما لك ما قدمت وما لغيرك ما تركت , من يَرحم يُرحم , ومن يصمت يسلم , ومن يقل الخير يغنم , ومن يقل الشر يأثم , واعقل لسانك إلا عن حق تُوَضِحه , أوباطل تُدحِضه , أو حكمة تنشرها , أو نعمة تذكرها , والزم الصمت فإنه يُكسبك صفو المحبة , ويؤمنك سُوءَ المَغَّبة , ويلبسك ثوب الوقار , يكفيك مؤنة الإعتذار , وإذا ذللت فارجِع , وإذا ندِمت فأقلِع , وإذا جهلت فاسأل , وإذا غضبت فأمسك .
20 - من أقوال علي كرم الله وجهه
أوصيكم بخمس لو ضربتم عليها آباط الإبل لكان قليلاً , لا يرجوَّن أحدكم ألا ربه , ولايخافن إلا ذنبه , ولا يستحي إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم , وإذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه , وإعلموا أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد , فإذا قُطِع الرأس ذهب الجسد , وقال أيضاً لاتكن ممن يقول بقول الزاهدين و يعمل بعمل الراغبين , يحب الصالحين ولا يعمل بعملهم , ويبغض المذنبين و هو أحدهم , يعجب بنفسه إذاعُوفِي و يقنط إذا ابتُلِي , إذا أصابه بلاءً دعا مضطراً , وإن ناله رخاءً أعرض مُغتراً , تغلبه نفسه على ما يظن , ولا يغلبها على ما يستيقن , يصف العبرة ولا يعتبر , ويبالغ في الموعظة ولا يَتعِظ , فهو بالقول مدِل و من العمل مقِل , يستعظم من معصية غيره مايستقل أكثر من نفسه , ويستكثر من طاعته ما يحضرهُ من طاعة غيره , فهو على الناس طاعن , وللعمل مُداهن , و اللغو مع الأغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء , يحكم على غيره لنفسه و لا يحكم عليها لغيره , يرشد نفسه ويغوي غيره , يُطَاع ويَعصِي , يستوفي ولا يُوفي , ويخشى الخلق في غير ربه و لا يخشَىَ ربه في خلقه , وقال أيضاً عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي مِنهُ هرب , ويفوتُهُ الغِنَاَ الذي إياهُ طلب , يعيش في الدنيا عيشة الفقراء , ويُحَاسَب في الأخرة حساب الأغنياء , وعجباً للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة ويكون غداً جيفة (أي عظمة), وعجبت لمن ينسى الموت وهو يرى من يموت , وقال أيضاً الدنيا جيفة مستحيلة من أرادها فليصبر على مصارعة الكلاب , و أخاف عليكم من اتباع الهوى وطول الأمل , وأوصىَ ابنهُ الحسن عند وفاته بعد ما طعنه ابن ملجم فقال يا بنيَ احفظ عني أربعاً وأربعاً قال وما هيَ يا أبتِ ؟ قال أغنىَ الغِنا العقل , وأكبر الفقر الحمق (أي من يكذب على نفسه) وأوحش الوحشة العجب (أي الغرور) وأكرم الكرم حسن الخُلُق , قال فما الأربع الأخر ؟ قال إياك و مصاحبة الأحمق فإنه يُريدُ أن ينفعك فيضرك , وإياك و مصادقة الكذاب فإنه يُقَرِب عليك البعيد ويُبعِد عنك القريب , وإياك و مصادقة البخيل فإنه يفقد عنك أحوج ما تكون إليه , وإياك و مصادقة الفاجر فأنه يبيعك بالتافه .
21 - دعاء التوبة
اللهُمَّ يا أعظم عظيم يا رب العرش العظيم استر لي كل ذنب عظيم في اليوم العظيم , اللهم إني أسألك الجنة وما قرَّبَ إليها من قول و عمل , وأعوذ بك من النار و ما قرَّبَ إليها من قول و عمل , اللهم انصرنِي علَىَ الشياطين و شهواتِي و استرْ عيوبي وذلاَّتِي , واظهِرْ خيرَ صفاتِي , و كَفِرْ عَنِيِ سَيْئاتِي , وقِنِي الندم بعد الفوَات وأبدل سيْئَاتِي حسنات , و تَقَبَّلْ مِنِي ما لا ينفعك من طاعة , واغفر لي ما لا يضُرَّكَ مِنْ مَعْصِية , اغفِر لعبد ظلم نفْسَهُ بنفْسِه , من سواك يقبل الذين أسرفوا على أنفسهم ؟ اللهم إن عَظُمَتْ خطِيئاتِى و حالت بينِي و بين قضاء حاجاتِي فإنِي أسألك بِجلال وجْهِك و عظِيم عفوِك , ياخير عاصِمْ وشافِعْ لِمَحْوْ الخطايا وجلْب المنافِع , اللهُمَّ اشفع لي عِندْكَ فإنَ حسناتِي مِنْكَ و سيْئَاتي مِنِّي فلا تُرَجِحْ ما كان مِنِي على ما هو مِنْك , أتَوَجَهُ إلَيْكَ بالشَافِعِينَ أجمعِين و بِكُلِ ما تُقْسِمُ بِهِ وتُحِبُهْ أنْ تُمَتِعنِي في الدُنيا بالإستقامة , وفي الآخِرَةِ بالكَرَمَة , وأعوذ بِكَ مِنَ الفِتَن مَا ظَهَرَ مِنْهَا و مَا بَطَن , اللهُم اعطنِي مِنّي ما يُرْضِيكَ عنِّي , يا مَنْ عَفْوَك يغْلِبْ مَقْتَك , وغُفرانَك يغْلِب انْتِقَامَك , وهُدَاكَ يغْلِب ابتِلاك , وعدلُكَ يغْلِب ظُلْمَنَا , وأمانُكَ يغْلِب خوفنا , وإسعادُكَ يغْلِب حُزْنَنَا , لا مَنْجَا مِنْكَ إلاّ إلَيْك , يا أمان الخَائِفِين وقابِلَ التَائِبِين و ساتِر الخَاطِئِين , ياعَفُو يا مُعِين , لا إلَه إلاَّ أنْتَ سُبْحَانَك إنِي كُنْتُ مِنَ الظَالِمِين , اللهُمَ إنَكَ عفُوٌ كَرِيمٌ حَلِيمٌ تُحِبُ العفوَ فاعفُو عنَّا , يا مَنْ أمَرْتَنَا أنْ لا نَقْنَطَ مِن رَحْمَتِكَ , يا مَنْ تغْفِرُ الذُنُوبَ جَمِيعَآ , بِغُفْرَآنَكَ يَغْفِرْ لَنَا خَلْقَك , يامَنْ وضَعْتَ فِي بَعْضِ خلْقِكَ الصِفَاتَ التِي تُحِبَهَا , فَأحْبَبْتَهُمْ فَأحبُوك , فاسْتَجَبتَ لَهُم فاستَجَابُوا لَكَ بالطاعة عنْدَمَا أعطيْتَهُم الإستِطَاعة , فإنَ الفضل كُلَهَ مِنْك فَلا تُؤَآخِذنِي بِخَطِيآتِي و جَهْلِي , يا أرحمَ بِي من نفسِي و أهلِي , ولا باستِعْجَالِي يا صبُور و لا بِظُلْمَتِي يا نُور , و لا بِذِنَوبِي يا عَفَوْ , ولا بِذَلاَّتِي يا ستَار , و لا بِمَا فِي نفسِي مِنْ أفكَار يا مَنْ لَو شِئت أحْكَمْتَها بِاسْتِمْرَار , {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }آل عمران8
22 - دعاء الخير كله
اللهُمَ بحق وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ , أسألك راحةً وسعَادةً دائِمَتن و أنْ تَجْعَل أقوَالِي و أعمالِي زيادةً لِي في حُبَك , وحُبَ كُلَ مَنْ أحبَبْتَ وأحَبَك , مِنْ كُل أنواع خلقِك , ما علِمْتُ و ما لم أعْلم , اللهم إنِي أسألك نفساً مُطمَئِنَة , تُؤمِن بِلِقَاءَك , وتَرضَىَ بِقَضَائَك , وتقنَعْ بِعًطائَك , يا مُبْدِعَ الأعَاجِيب وأحبَ حَبِيب , وأقرَب قريب , وأشْفَىَ طَبِيب , اجعلنِي مَحْبُوب لِكُل الأعمَار و القُلُوب , واهدِنِي كي أستَجِيب , و تَقَبَل مِنِي مِثل المُقَّربِين , و السُعَدَاء في الدارين , و مَكِن ليَ الدِين بالدُنْيا واجعلني مِنَ المُخْلَصِين , واجعَل لِي وَلِيَاً ونَصِيرا , ونجني مِنْ أنْ أضِل أو أُضَل أو أذِل أو أُذَل أو أو أظلِمََ أو أُظلَم أو أجهل أو يُجْهَل علَيْ , وقِنِي تعب الدنيا وذَلاَّتِهَا , ونار الآخِرَةَ و دَرَكاتِهًا , و الفتن وإغْرَءَاتِهَا , والعُلُوم و مُلْهِياتِها , و القُلُوب و تَقَلُبَاتِهَا , والشياطين و اسْتِدْرَجَاتِها , اللهُم إنِي أعوذ بِك من كُلِ الشِرُور , ونارِ الحَرُور , وأهْل الغُرُور , و لهو العُصُورُ , يا كريمُ يا غفُور , إغفِر لنا ما مَضَىَ قبل دُخًول القُبُور , واجعلنا يوم القِيَامةِ مِمَن يسعَىَ بيْن أيْدِيهِم و بأيْمَانِهِمُ النُور , و آمِن خوفَنَا يومَ العرضِ و النُشُور , وأسْكِنَّاَ بِفَضْلِكَ و إحْسَانِكَ الغَرَفَ و القُصُور , و أمْتِعْنَا بِمَحَبّة الأحْبَاب و الحُور , في أنوارِِ وعُطُور , ربي ذِدْنِي مِنَ العِلْم , و أكْرِمْنِي بِنُورِ الفَهْم , و أخْرِجْنِي مِنْ ظُلُمَات الوهْم , وافتَح لِي أبواب رَحْمَتِك و انْشُرْ علَيَ مِنْ خَزَائِن عِلْمَك , و اكْفِنِي بِحَلالِكَ عنْ حرَاَمِك و اغنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّن سِوَاك , اللهُم زِدْنِي يَقِينَاً فِي قِسْط البلاَء , و أعُوذُ بِكَ مِن سُوءِ القَضَاء , وعُضَالِ الدَّاء , وشَماتَة الأعْدَاء , والنَسِيئُ و النِسَاء , وشَرِ الأَهْوَاَء , و الكَبَائِر و الفَحْشَاء , والفقرَ و الشَقَاء , والكَزِبَ و الريَاء , فَأنْتَ أجَلَّ وأقدَر مِمَا أخافُ و
..