متحف اللوفــر بفرنسا
تاريخ المتحف: تاريخ طويل لأكثر من ثمانية قرون مضت.. هذا المتحف يضم أحسن الأعمال الفنية لأكبر الفنانين من كل أنحاء العالم ومن كل الأزمنة.
صمم
بناؤه الأول في موقع يسمى لورابا، تحت إشراف فيليب اجوستوPhilip Augusto
سنة 1190 تقريباً كقلعة لحماية مدينة باريس، تحتوي أيضاً جزءًا من البلاط
الملكي والمحفوظات. قام بتوسيعها كارلو الخامس بين سنتي 1337-1380، وأنشأ
مكتبة واستخدمها أيضاً للإقامة السببية. وقد دمرت هذه القلعة بعد سقوطها
بأيدي الإنجليز سنة 1415.
وفي عهد فرنسوا الأول تم ترميم جزء كبير
من القلعة، وأعاد تصميمها بيير ليكوت Pierre ) likot1510-1578) كقصر كبير،
لا يزال يمثل القلب للقصر الحالي، رغم الإضافات والتغييرات التي قام بها
الملوك الذين توالوا عليه، وكان أهمها التعديل الذي تم في عهد الملك لويس
الرابع عشر.
هذه مقدمة موجزة عن تاريخ متحف اللوفر الشهير بباريس،
والآن سنحاول التركيز علي محتويات هذه المتحف، وكيف جاءت فكرة أن تكون هذه
القلعة متحفاً فنياً مشهوراً في كل أنحاء العالم.
جاءت هذه الفكرة يوم
بدأ فرنسوا الأول يجمع مختارات فنية جديدة، مكونة من اثنتي عشرة لوحة
إيطالية، من أشهرها لوحة الجوكوندا الشهيرة بالموناليزا (Mona Lisa)
أصبحت
تتزايد في عهد لويس الرابع عشر. وفي عام 1715 كانت المجموعة قد وصلت إلى
2500 قطعة وتحفة فنية، ولكنها ظلت في ذلك الوقت خاصة لمتعة البلاط الملكي
الحاكم، حتى قيام الثورة الفرنسية سنة 1798، فأدرك لويس السادس عشر أهمية
تحويل القصر إلى متحف. في سنة 1793 فُتحت أبواب القصر للجمهور، تحت اسم
متحف الجمهورية، كما أثري نابليون المجموعة بالقطع الفنية النادرة، كضريبة
من الدول التي تم الاستيلاء عليها. لكن معظم هذه الأعمال أعيدت سنة 1815
إلى أماكنها التي جاءت منها بعد هزيمته في واترلو waterloo.
سنة
1848 أصبح المتحف ملكاً للدولة، وأصبحت له ميزانية خاصة، وذلك لجمع
المقتنيات الفنية الجديدة، إضافة إلى بعض القطع الفنية التي أهديت للمتحف،
وساهمت في إثراء المجموعات الأصلية التي وصل عددها إلى حوالي ثلاثمائة ألف
عمل فني.
يعود أصل اللوفر إلى سنة 1200، وهو مصمم كحصن على ضفاف
نهر السين، وكان في البداية المقر الرسمي لإقامة الملك تشارلز الخامس،
الذي بنى خندقاً وسوراً خارجياً للحصن. ولا يزال جزء من هذا الخندق
موجوداً حتى الآن، يمكن رؤيته من شارع اميرال، وقد أجريت ترميمات على
الجانبين الغربي والجنوبي من الحصن في عهد هنري الثاني وتشارلز التاسع.
أثناء عملية البناء أضاف هنري الرابع قاعة فلور (pavillon flore) بالإضافة
إلى جناح صغير في الزاوية اليمني للرواق، لكن العمل فيها توقف عند وفاته،
وذلك سنة 1610.
في الفترة ما بين 1664-1667 بنى فوريموديلد قاعة
مارسان في نهاية الجانب الشمالي من المبنى، لكن البناء توقف سنة 1682،
وتخلى البلاط عن اللوفر لصالح قصر فيرساى.
في القرن الثامن عشر
استغل اللوفر لأغراض عدة منها إقامة الحفلات الموسيقية والأوبرا، بالإضافة
إلى العروض المسرحية في مسرح اللوفر الذي بناه لويس الرابع عشر، كما أجر
اللوفر للفنانين وغيرهم، باستثناء الأقسام الملكية الخاصة التي تم التحفظ
عليها.
سنة 1800 انتقل نابليون للإقامة في قصر تويلري، واستمر بناء
شمال الرواق الممتد على طول شارع ريفولي، الذي ربط القصر بقاعة مارسان،
وذلك تحت إشراف المهندس المعماري فونتيت.
سنة 1871، وخلال حكم
الكوميون، اشتعلت النار في قصر تويلري، وبقيت آثار الحريق ظاهرة على
المبنى حتى عهد الجمهورية الثالثة عام 1882، التي أزالت ركام القصر، وقام
المهندس ليفويل بترميم قاعة فلور ومارسان.
هذا إيجاز عن تاريخ بناء
وإنشاء متحف اللوفر بباريس، حيث توالت الترميمات والتعديلات المهمة
والأساسية عليه، وإضافة جزء من التوسعيات كانت تشغلها وزارة المالية في
جناح ريشيليو، وهناك أيضاً ثمانون موقفاً للحافلات السياحية وستمائة
للسيارات الأخرى، إضافة إلى محال تجارية، ومختبر أبحاث المتحف الفرنسي،
ومخرج مدرسة اللوفر، وركن خصص لجمعية الفنون الزخرفية والمعدات
التكنولوجية وقاعات للعرض.
وقد استغرق بناء هذا المشروع حوالي ستة
عشر عاماً، أي حتى سنة 1997، ومن ضمن المشروع تكليف ليومنج بتصميم مدخل
وصالة استقبال جديدة للمتحف، حيث قام بتصميم وبناء هرم في ساحة كور كاريه
(cour carree).
وهذا الهرم يقع في وسط المتحف، محاطاً بالنوافير
الخلابة لإبراز جماله، واعتبر هذا المدخل الرئيس للمتحف، حيث إنه يضم عدة
أبواب وممرات، يؤدي كل منها إلى جناح من أجنحة هذه القلعة. أرضيات الهرم
الواسعة وفناؤه مغطاة بالرخام الذهبي الفاخر، وقد افتتح رسمياً سنة 1989.
ولكن
لا يفوتنا هنا أن نذكر أنه قبل البدء بأعمال الصيانة والترميم لساحة كور
كاريه court caree كانت تتم دراسة هندسية لأعمال استكشافية لما تحت
القلعة، وذلك كتهيئة لبناء الهرم، كما أنها قد ساعدت البناءين في أعمالهم
وحفرياتهم.
كانت هذه الأعمال الإصلاحية لتمكين الزائر من المرور
عبر الممرات الداخلية التي بنيت تحت القلعة للوصول إلى قاعة سانت لويس
وتشارلز الخامس.
خلال الحفر وعملية الاستكشاف عثر على خوذة عسكرية لتشارلز السادس، توجد معروضة الآن في قاعة سانت لويس في جناح سولي.
وبتقنية عالية المستوى استخدمها الباحثون تمت دراسة أنواع التلوث التي أصابت تسعة وستين تمثالاً في ساحة نابليون، وذلك قبل ترميمها.
انتهت
أعمال التجديد سنة 1997، وافتتح المتحف كاملاً، ومن ضمن أعمال التوسعة
افتتاح خمسة وثلاثين قاعة جديدة خاصة بالتصوير الفرنسي من القرن السابع
عشر وحتى التاسع عشر، كما أعيد تنظيم صالات الآثار القديمة، ومنها القاعة
المصرية الفرعونية التي أعيد افتتاحها سنة 1997، وذلك بعد الترميمات
والتعديلات والإضافات عليها، حيث ضاعفت إدارة الانتيكات المصرية مقتنياتها
بأكثر من 60%، بعدها زاد الإقبال على تلك القاعة.
ومن أهم الأعمال الفنية والمقتنيات التي يملكها متحف اللوفر:
1. لوحة الجو كندا (الموناليزا)
2. لوحة فينوس دوميلو Venus de Milo
3. لوحة ذا وينجد فيكتوري اوف سارموثريس
4. لوحة لييبيرتي ليدينج ذا بيبول liberty the people
وهناك
مقتنيات وتحف مختلفة ومتنوعة موزعة على أجنحة المتحف الرئيسة، كل حسب
تاريخها وأصلها ونوعها، وقد قسم المتحف إلى سبع إدارات، تهتم كل منها
بفترة معينة من الزمان، وقد صنفت المقتنيات حسب تاريخها، من بداية الفن
والحضارة حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر. يتكون كل جناح من الأجنحة
من طابقين ودور أرضي وآخر تحت الأرض، وهو جناح سولي الذي يقع في الجهة
الجنوبية للهرم، وهو يضم مجموعات من المنحوتات الإيطالية والأسبانية ومن
شمال أوروبا.
لمتحف اللوفر أيضاً هدف ثقافي يقدمه من خلال معروضاته
والمنتجات المختلفة، إضافة إلى المطبوعات والإصدارات المتاحة في صالات
العرض وفي المكتبة الموجودة في الهرم.
كان هذا وصفاً للمتحف وبنائه وتاريخ إنشائه وبعض محتوياته النادرة.
أما فيما يتعلق بالفن الإسلامي في متحف اللوفر فقد أصبح متحفاً بذاته.
في
الثمانينات من القرن الماضي تم تجديد وتوسيع القسم الإسلامي، فأضيفت إليه
مساحة ألف وأربعمائة متر مربع، ليضم أكبر مجموعة من الفنون الإسلامية، تعد
من بين المجموعات الأبرز في العالم داخل أقبية المتحف، لم يعرض منها أكثر
من ألف وثلاثمائة قطعة فقط، على الرغم من امتلاك اللوفر لأكثر من عشرة
آلاف قطعة، يضاف إليها ثلاثة آلاف قطعة آتية من الاتحاد المركزي للفنون
التزينية، لم تعرض منذ عشرين عاماً.
وهكذا ضم متحف اللوفر ثروة من
القطع الفنية يحسد عليها، وتضعه بالنسبة للفنون الإسلامية في المرتبة
الأولى، قبل متحف الميتروبوليتان في نيويورك ومتحف فيكتوريا والبرت في
لندن. هذه المجموعات سترى النور وتخرج بعد أن أقرت الحكومة الفرنسية تخصيص
جناح كبير للفنون الإسلامية داخل متحف اللوفر، ليشكل أهم أقسام هذا المتحف
العريق.
قدمت مجموعة مهندسين عالمين تصورات للجناح الجديد، اختير
المهندس الإيطالي ماريو بليني والفرنسي رودي ريتشيوتي، ووضعا تصورا بمساحة
3500 متر مربع في طبقتين: طبقة سفلى وأخرى مفتوحة على فناء فيسكونتي
المحاذي لنهر السين، كتميز لأخذه في الاعتبار طبيعة الفنون الإسلامية
ووضعها داخل صرح يتميز برؤيته الحديثة، والقدرة على التلاعب بالضوء
الطبيعي، مع إضاءة داخلية تتلاءم وخصوصية كل قطعة معروضة بشفافية واختزال.
ثلاثة
عشر ألف قطعة، على مساحة ثلاثة آلاف وخمسمائة متر مربع، هذا المشروع سيكون
جاهزاً عام 2009، لتحتل الفنون الإسلامية المكان الراقي والمكانة التي
تستحقها بين الحضارات الكبرى.
تولي المتاحف العالمية عناية خاصة
بالفنون العربية والإسلامية، وذلك منذ عقود من الزمن، وتعطيها حيزاً خاصاً
يليق بقيمتها الإبداعية العالية، كما أن هذه المتاحف تحرص على إقامة
المعارض المتخصصة بالفنون الإسلامية مع الإصدارات في المتاحف الغربية.
ولا
يفوتنا أن نشير إلى أن متحف اللوفر يمتلك مجموعة كبيرة من الفنون
الإسلامية ترقى إلى مختلف حقب التاريخ الإسلامي، وتتألف من مواد مختلفة،
كالخشب والخزف والعاج والنسيج والبلور والمنمنمات والمخطوطات.
ولكن
نظراً لأن هذه المجموعة مبعثرة، لم يعرض منها إلا أجزاء محدودة، وفقاً
لتقسيم جغرافي يجعلها أحيانا تندرج في قسم آسيوي، وأحيانا أخرى في أقسام
من الفنون الشرقية. ويبلغ عدد التحف التي يملكها متحف اللوفر أكثر من عشرة
آلاف قطعة، ستضاف إلى مجموعة نادرة اقتناها المتحف مؤخرًا في المزادات
العلنية الدولية.
والآن دخل القسم الإسلامي في اللوفر مرحلة جديدة،
فأصبح يفتح يوميا على غرار الأقسام الأكثر شهرة، بعد أن كان يفتح أبوابه
لأيام معدودة في الأسبوع، كما شُرع في إقامة نشاطات تتعلق بالفنون
الإسلامية للتعريف بها على نطاق واسع .